ضَيَاعَ حَقِّ الْمَشْهُودِ لَهُ فَاسْتُدْرِكَ ذَلِكَ بِتَجْوِيزِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِتَدُومَ الْوَثِيقَةُ عَلَى أَنَّ مِنْ الْحُقُوقِ مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّأْبِيدِ كَالْوَقْفِ وَالشَّاهِدُ لَا يَعِيشُ أَبَدًا (لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا بِثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ) لَخَّصَهَا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ (أَحَدُهَا: كَوْنُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ قَاضٍ إلَى قَاضٍ) وَهُوَ حَقُّ الْآدَمِيِّ دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السِّتْرِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبْهَةِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةٍ فِيهَا شُبْهَةٌ لِتَطَرُّقِ احْتِمَالِ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ وَكَذِبِ شُهُودِ الْفَرْعِ فِيهَا مَعَ احْتِمَالِ ذَلِكَ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ وَهَذَا احْتِمَالٌ زَائِدٌ لَا يُوجَدُ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى شُهُودِ الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا فِي الْحَدِّ ; لِأَنَّ سِتْرَ صَاحِبِهِ أَوْلَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي: تَعَذُّرُ) شَهَادَةِ (شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَيْبَةِ مَسَافَةِ قَصْرٍ) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ تُثْبِتُ نَفْسَ الْحَقِّ وَشَهَادَةَ الْفَرْعِ إنَّمَا تُثْبِتُ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ وَلِاسْتِغْنَاءِ الْحَاكِمِ بِسَمَاعِ الْأَصْلِ عَنْ تَعْدِيلِ الْفَرْعِ وَسَمَاعُهُ مِنْ الْأَصْلِ مَعْلُومٌ وَصِدْقُ شَاهِدِ الْفَرْعِ عَلَيْهِ مَظْنُونٌ وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الْيَقِينِ مَعَ إمْكَانِهِ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: دَوَامُ تَعَذُّرِهِمْ) أَيْ شُهُودِ الْأَصْلِ (إلَى صُدُورِ الْحُكْمِ فَمَتَى أَمْكَنَتْ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ الْأُصُولِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (وُقِفَ) الْحُكْمُ (عَلَى سَمَاعِهَا) لِزَوَالِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ كَانُوا حَاضِرِينَ أَصِحَّاءَ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: دَوَامُ عَدَالَةِ) شَاهِدِ (أَصْلٍ وَ) شَاهِدِ (فَرْعٍ إلَيْهِ) أَيْ صُدُورِ الْحَكَمِ (فَمَتَى حَدَثَ قَبْلَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (مِنْ أَحَدِهِمْ) أَيْ شُهُودِ الْأَصْلِ وَشُهُودِ الْفَرْعِ (مَا يَمْنَعُ قَبُولَهُ) مِنْ نَحْوِ فِسْقٍ أَوْ جُنُونٍ (وُقِفَ) الْحُكْمُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى شَهَادَةِ الْجَمِيعِ وَإِذَا فُقِدَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بِهَا. الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: اسْتِرْعَاءُ) شَاهِدِ (الْأَصْلِ) شَاهِدَ (الْفَرْعِ أَوْ) اسْتِرْعَاءُ (غَيْرِهِ وَهُوَ) أَيْ الْفَرْعُ (يَسْتَمِعُ) اسْتِرْعَاءَ الْأَصْلِ لِغَيْرِهِ وَأَصْلُ الِاسْتِرْعَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ: أَرِعْنِي سَمْعَك، يُرِيدُ: اسْمَعْ مِنِّي، مَأْخُوذٌ مِنْ رَعَيْتُ الشَّيْءَ: حَفِظْتَهُ، فَشَاهِدُ الْأَصْلِ يَطْلُبُ مِنْ شَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَحْفَظَ شَهَادَتَهُ وَيُؤَدِّيَهَا وَصِفَةُ الِاسْتِرْعَاءِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَقُولُ) شَاهِدُ الْأَصْلِ لِمَنْ يَسْتَرْعِيهِ (اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) أَنِّي أَشْهَدُ.
(أَوْ) يَقُولُ لَهُ: (اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ وَقَدْ عَرَفْتَهُ أَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute