الصَّلَاةِ، كَلَفِّ عِمَامَةٍ وَلُبْسٍ وَمَشْيٍ (يُبْطِلُهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ (عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ) لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورِيَّةً: كَخَوْفٍ وَهَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ) كَسَيْلٍ وَحَرِيقٍ وَسَبُعٍ،
فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً لَمْ تَبْطُلْ. وَعَدَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الضَّرُورَةِ مَنْ بِهِ حَكٌّ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ يَسِيرًا، أَوْ لَمْ يَتَوَالَ، وَلَوْ كَثُرَ (وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ كَفِعْلِهِ) لَا كَقَوْلِهِ: فَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ إلَّا إذَا كَثُرَتْ وَتَوَالَتْ.
(وَكُرِهَ) عَمَلٌ (يَسِيرٌ) فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا (بِلَا حَاجَةٍ) إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَلَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ) وَلَوْ سَهْوًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَلَا لِحَدِيثِ نَفْسٍ ; لِأَنَّهُ يَعْسُرُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةٌ (بِعَمَلِ قَلْبٍ) وَلَوْ طَالَ نَصًّا، لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ.
(وَ) لَا تَبْطُلُ أَيْضًا ب (إطَالَةِ نَظَرٍ إلَى شَيْءٍ) وَلَوْ إلَى كِتَابٍ وَقِرَاءَتِهِ مَا فِيهِ بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ فَعَلَهُ (وَلَا) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِأَكْلٍ وَشُرْبٍ يَسِيرَيْنِ عُرْفًا، سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا) لِعُمُومِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» " فَإِنْ كَثُرَ أَحَدُهُمْ بَطَلَتْ ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ مُسْتَكْثَرٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا.
(وَلَا) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِبَلْعِ) مَصْلِ (مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ بِلَا مَضْغٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْلٍ وَيَسِيرٌ (وَلَوْ لَمْ يَجْرِ بِهِ) أَيْ: بِمَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ (رِيقٌ) نَصًّا، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ الْعَسْكَرِيُّ ثُمَّ الشُّوَيْكِيُّ، وَقَالَ فِي الْإِقْنَاعِ، تَبَعًا لِلْمَجْدِ: وَمَا لَا يَجْرِي بِهِ رِيقُهُ بَلْ يَجْرِي بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَا لَهُ جُرْمٌ تَبْطُلُ بِهِ، أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَعْسُرُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.
وَهُوَ مَفْهُومُ الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ وَالْمُبْدِعِ، وَإِنْ تَرَكَ فِي فَمِهِ لُقْمَةً بِلَا مَضْغٍ وَلَا بَلْعٍ كُرِهَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ لَاكَهَا بِلَا بَلْعٍ، فَكَالْعَمَلِ إنْ كَثُرَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَا) يَبْطُلُ (نَفْلُ) صَلَاةٍ (بِيَسِيرِ شُرْبٍ عَمْدًا) نَصًّا. رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ " أَنَّهُ شَرِبَ فِي التَّطَوُّعِ " لِأَنَّ مَدَّهُ وَإِطَالَتَهُ مُسْتَحَبَّةٌ مَطْلُوبَةٌ، فَيَحْتَاجُ مَعَهُ كَثِيرًا إلَى جُرْعَةِ مَاءٍ لِدَفْعِ عَطَشٍ، كَمَا سُومِحَ فِيهِ فِي الْجُلُوسِ وَعَلَى الرَّاحِلَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ يُبْطِلُ الْفَرْضَ، وَأَنْ يَسِيرَ الْأَكْلِ عَمْدًا يُبْطِلُهُمَا ; لِأَنَّهُ يُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ الْكَثِيرَ يُبْطِلُهُمَا وَلَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا، وَهِيَ أَدْخَلُ فِي الْفَسَادِ بِدَلِيلِ الْحَدَثِ وَالنَّوْمِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَلِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ عَنْ الْقِيَاسِ.
(وَبَلْعُ ذَوْبِ سُكَّرٍ وَنَحْوَهُ) كَحَلْوَى وَتَرْنْجَبِيلٍ (بِفَمٍ كَأَكْلٍ) فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا مَعَ الْعَمْدِ فَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ فَتَحَ فَاهُ فَحَصَلَ فِيهِ مَاءٌ فَابْتَلَعَهُ،