وَصَوْمِهِ وَنَحْوِهِمَا، وَمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مِنْهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَنَقَلَ مُهَنَّا «طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ» " قِيلَ لَهُ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ؟ قَالَ: يَنْوِي يَتَوَاضَعُ فِيهِ.
وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ، وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ: الِاعْتِنَاءُ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَيْسَ قَوْمٌ خَيْرًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَابَ عَلَى مُحَدِّثٍ لَا يَتَفَقَّهُ.
وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَأَقْرَبُ الْعُلَمَاءِ إلَى اللَّهِ وَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَكْثَرُهُمْ لَهُ خَشْيَةً، فَالصَّلَاةُ، لِلْأَخْبَارِ: بِأَنَّهَا أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ وَخَيْرُهَا، وَمُدَاوَمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْلِهَا.
(وَنَصَّ) أَحْمَدُ (أَنَّ الطَّوَافَ لِغَرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ يَفُوتُ بِمُفَارَقَتِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، فَالِاشْتِغَالُ بِمَفْضُولٍ يَخُصُّ بُقْعَةً، أَوْ زَمَنًا، أَفْضُلُ مِنْ فَاضِلٍ لَا يَخْتَصُّ.
قَالَ (الْمُنَقِّحُ) فِي التَّنْقِيحِ (وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَفْضُلُ مِنْهُ) أَيْ: الطَّوَافِ، لِحَدِيثِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» " (خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ صَاحِبَ الْفُرُوعِ، حَيْثُ قَالَ: فَدَلَّ مَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ عِبَادَةٌ بِمُفْرَدِهِ، يُعْتَبَرُ لَهُ مَا يُعْتَبَرُ لِلصَّلَاةِ غَالِبًا.
(ثُمَّ) أَفْضَلُ تَطَوُّعِ الْبَدَنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ (مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ) مِنْ صَدَقَةٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَقَضَاءِ حَاجَةِ مُسْلِمٍ وَنَحْوِهَا (وَيَتَفَاوَتُ) مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ فِي الْفَضْلِ (فَصَدَقَةٌ عَلَى قَرِيبٍ مُحْتَاجٍ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ) أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ (وَهُوَ) أَيْ: الْعِتْقُ أَفْضَلُ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ صَدَقَةٍ (عَلَى أَجْنَبِيٍّ) لِعِظَمِ نَفْعِهِ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ أَسْرِ الرِّقِّ (إلَّا زَمَنَ غَلَاءٍ وَحَاجَةٍ) .
فَالصَّدَقَةُ مُطْلَقًا أَفْضَلُ مِنْهُ، لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا إذَنْ (ثُمَّ حَجٌّ) لِقُصُورِ نَفْعِهِ عَلَيْهِ (فَصَوْمٌ) وَإِضَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى الصَّوْمَ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ أَفْضَلِيَّتَهُ، فَإِنَّ مَنْ نَوَى صِلَةَ رَحِمِهِ، وَأَنَّهُ يُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَيَحُجُّ، كَانَتْ نِيَّتُهُ عِبَادَةً، يُثَابُ عَلَيْهَا، وَنُطْقُهُ جَهْرًا بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: أَفْضَلُ إجْمَاعًا، أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْبُدْ بِهِ غَيْرَهُ فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَهُوَ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّتَهُ، وَمَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ إلَى أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ.
وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ: أَفْضَلِيَّةَ الْفِكْرِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (وَأَفْضُلُهَا) أَيْ: صَلَاةِ التَّطَوُّعِ (مَا سُنَّ) أَنْ يُصَلَّى (جَمَاعَةً) لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْفَرَائِضِ، ثُمَّ الرَّوَاتِبِ (وَآكُدُهَا) أَيْ: آكَدُ مَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (كُسُوفٌ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهَا، وَأَمَرَ بِهَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute