للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِ أَنْ يَبْسُطَ الْعَبْدُ يَدَهُ يَسْأَلُهُ فِيهِمَا خَيْرًا فَيَرُدُّهُمَا خَائِبَتَيْنِ» " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ يَسَارٍ مَرْفُوعًا «إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ إلَى صَدْرِهِ بِبُطُونِهِمَا

مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ (وَيَقُولُ جَهْرًا: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَهْدِيكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ) أَيْ: نَطْلُبُ مِنْكَ الْعَوْنَ وَالْهِدَايَةَ وَالْمَغْفِرَةَ (وَنَتُوبُ) أَيْ: نَرْجِعُ (إلَيْكَ وَنُؤْمِنُ) أَيْ: نُصَدِّقُ (بِكَ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ) أَيْ: نَعْتَمِدُ وَنُظْهِرُ عَجْزَنَا (وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ) أَيْ: نِصْفُكَ بِهِ (كُلَّهُ) وَنَمْدَحُك.

وَالثَّنَاءُ فِي الْخَيْرِ خَاصَّةً، وَبِتَقْدِيمِ النُّونِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ (وَنَشْكُرُكَ، وَلَا نَكْفُرُكَ) أَيْ: لَا نَجْحَدُ نِعْمَتَك وَنَسْتُرُهَا لِاقْتِرَانِهِ بِالشُّكْرِ (اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ) .

قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: الْعِبَادَةُ أَقْصَى غَايَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ، وَلَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا اللَّهُ وَقَالَ الْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ، وَأَبُو الْبَقَاءِ: الْعِبَادَةُ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ، وَلَا اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ.

وَسُمِّيَ الْعَبْدُ عَبْدًا: لِذِلَّتِهِ وَانْقِيَادِهِ لِمَوْلَاهُ (وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ) لَا لِغَيْرِك (وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ بِالدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِهِ، أَيْ: نُسْرِعُ وَنُبَادِرُ (نَرْجُو) أَيْ: نُؤَمِّلُ (رَحْمَتَك) أَيْ: سَعَةَ عَطَائِك (وَنَخْشَى عَذَابَك) أَيْ: نَخَافُهُ قَالَ تَعَالَى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩] .

(إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: الْحَقُّ لَا اللَّعِبُ (بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ: لَاحِقٌ وَبِفَتْحِهَا عَلَى مَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُلْحِقُهُ الْكُفَّارَ.

قَالَ الْخَلَّالُ: سَأَلْت ثَعْلَبًا عَنْ مُلْحَقٍ وَمُلْحِقٍ؟ فَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا الْقُنُوتُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى هُنَا: مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ،

وَفِي أَوَّلِهِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " وَفِي آخِرِهِ " اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِك " وَهُمَا سُورَتَانِ: فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ.

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَتَبَهُمَا أُبَيٍّ فِي مُصْحَفِهِ، إلَى قَوْلِهِ " مُلْحِقٌ " زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ " وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك " (اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت) أَيْ: ثَبِّتْنَا عَلَى الْهِدَايَة، أَوْ زِدْنَا مِنْهَا وَهِيَ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَانِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّك لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] " وَأَمَّا قَوْلُهُ {إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦] " فَهِيَ مِنْ اللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْإِرْشَادُ (وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْت) مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْبَلَاءِ.

وَالْمُعَافَاةُ: أَنْ يُعَافِيَكَ اللَّهُ مِنْ النَّاسِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>