«لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَمْرٍو اقْرَأْ الْقُرْآنَ كُلَّ أُسْبُوعٍ، لَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ» " (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: الْخَتْمِ (كُلَّ ثَلَاثٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي قُوَّةً قَالَ: اقْرَأْهُ فِي ثَلَاثٍ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا أَحْيَانًا وَفِي رَمَضَانَ، خُصُوصًا لَيَالِي أَوْتَارِ عُشْرِهِ الْأَخِيرِ وَمَكَّةَ لِمَنْ دَخَلَهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَيُسْتَحَبُّ إكْثَارُ الْقِرَاءَةِ إذَنْ، اغْتِنَامًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَدَّرُ بِالنَّشَاطِ، وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ لِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَخْتِمُهُ فِي لَيْلَةٍ وَرُوِيَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ (وَكُرِهَ) تَأْخِيرُ خَتْمِهِ (فَوْقَ أَرْبَعِينَ) يَوْمًا.
قَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ مَا سَمِعْت أَنْ يُخْتَمَ الْقُرْآنُ: فِي أَرْبَعِينَ، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرُ يُفْضِي إلَى نِسْيَانِهِ وَالتَّهَاوُنِ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَشَدَّ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَفِظَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ (وَيُكَبِّرُ) إذَا خَتَمَ نَدْبًا (لِآخِرِ) كُلِّ (سُورَةٍ مِنْ) سُورَةِ (الضُّحَى) إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ فَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَطْ (وَيَجْمَعُ أَهْلَهُ) عِنْدَ خَتْمِهِ نَدْبًا، رَجَاءَ عَوْدِ نَفْعِ ذَلِكَ وَثَوَابِهِ إلَيْهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ الْخَتْمُ فِي الشِّتَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَفِي الصَّيْفِ أَوَّلَ النَّهَارِ،
وَلَا يُكَرِّرُ سُورَةَ الصَّمَدِ وَلَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَخَمْسًا مِنْ الْبَقَرَةِ نَصًّا وَالتَّرْتِيلُ أَفْضَلُ مِنْ السُّرْعَةِ، مَعَ تَبْيِينِ الْحُرُوفِ. أَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَتُكْرَه، وَتُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ: هِيَ بِدْعَةٌ أَمَّا تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَالتَّرَنُّمُ، فَمُسْتَحَبٌّ إذَا لَمْ يُفِضْ إلَى زِيَادَةِ حَرْفٍ وَنَحْوِهِ أَمَّا إنْ أَفْضَى إلَى زِيَادَةِ حَرْفٍ، أَوْ جَعْلِ الْحَرَكَةِ حَرْفًا فَهُوَ حَرَامٌ.
وَلَا تُكْرَهُ قِرَاءَةُ جَمَاعَةٍ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ، بِحَيْثُ يُغَلِّطُ مُصَلِّيًا وَمَعَ الْجِنَازَةِ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِمَاعُ الْقِرَاءَةِ وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ عِنْدَهَا بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْأَسْوَاقِ بِالْقُرْآنِ مَعَ اشْتِغَالِ أَهْلِهَا بِتِجَارَتِهِمْ وَعَدَمِ اسْتِمَاعِهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ.
(وَيُسَنُّ تَعَلُّمُ التَّأْوِيلِ) أَيْ: التَّفْسِيرِ (وَيَجُوزُ التَّفْسِيرُ) لِلْقُرْآنِ (بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ) الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّهُ نَزَلَ بِهَا وَ (لَا) يَجُوزُ التَّفْسِيرُ (بِالرَّأْيِ:) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٦٩] " وَلِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَرَوَى سَعِيدٌ بِسَنَدِهِ عَنْ الصِّدِّيقِ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، أَوْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، أَوْ أَيْنَ أَذْهَبُ، أَوْ كَيْفَ أَصْنَعُ؟ إذَا أَنَا قُلْت فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ.
(وَيَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِ صَحَابِيٍّ) لِأَنَّهُ شَاهَدَ التَّنْزِيلِ وَحَضَرَ التَّأْوِيلَ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute