للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَسَبْقٌ بِإِسْلَامٍ كَ) سَبْقٍ (بِهِجْرَةٍ) فَيُقَدَّمُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ السَّابِقُ إسْلَامًا مِمَّنْ أَسْلَمَ بِدَارِ إسْلَامٍ وَإِلَّا فَالسَّابِقُ إلَيْنَا هِجْرَةً كَمَا فِي الشَّرْحِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ مَسْبُوقًا فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ إلَى الطَّاعَةِ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ «فَأَقْدَمُهُمَا سِلْمًا أَيْ: إسْلَامًا» (ثُمَّ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ (الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] " وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُضُوعُ، وَرَجَاءَ إجَابَةِ الدُّعَاءِ.

وَالْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ أَقْرَبُ إلَى ذَلِكَ، لَا سِيمَا وَالدُّعَاءُ لِلْمَأْمُومِينَ مِنْ بَابِ الشَّفَاعَةِ الْمُسْتَدْعِيَةِ كَرَامَةَ الشَّافِعِ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ.

قَالَ الْقُشَيْرِيِّ فِي رِسَالَتِهِ: الْوَرَعُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ، زَادَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ يُقْرَعُ) إنْ اسْتَوَوْا فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ وَتَشَاحُّوا فَمَنْ قُرِعَ صَاحِبُهُ فَهُوَ أَحَقُّ.

قِيَاسًا عَلَى الْأَذَانِ (وَصَاحِبُ الْبَيْتِ) الصَّالِحُ لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ عَبْدًا أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِمَّنْ حَضَرَ، فِي بَيْتِهِ لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي بَيْتِهِ» " وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ مَرْفُوعًا «مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ» (وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ) الرَّاتِبُ الصَّالِحُ لِلْإِمَامَةِ (وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا أَحَقُّ) بِالْإِمَامَةِ فِيهِ، وَلَوْ حَضَرَ أَفْقَهُ، أَوْ أَقْرَأُ كَصَاحِبِ الْبَيْتِ.

وَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى أَرْضًا لَهُ، وَعِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لَهُ فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، فَأَبَى وَقَالَ: " صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَلِأَنَّ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ يُسِيءُ الظَّنَّ بِهِ وَيُنَفِّرُ عَنْهُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَّجِهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُمَا لِأَفْضَلَ مِنْهُمَا (إلَّا مِنْ ذِي سُلْطَانٍ فِيهِمَا) فَيُقَدَّمُ ذُو سُلْطَانٍ عَلَى صَاحِبِ بَيْتٍ، وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ «لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا فِي سُلْطَانِهِ وَأَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْبَانُ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَسًا فِي بُيُوتِهِمَا» " وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَ) إلَّا الْعَبْدَ فَلَيْسَ أَوْلَى مِنْ (سَيِّدِهِ فِي بَيْتِهِ) بَلْ السَّيِّدُ لِوِلَايَتِهِ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ.

وَلَا تُكْرَه إمَامَةُ عَبْدٍ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ (وَحُرٌّ أَوْلَى) بِإِمَامَةٍ (مِنْ عَبْدٍ وَ) مِنْ (مُبَعَّضٍ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَأَشْرَفُ (وَهُوَ) أَيْ: الْمُبَعَّضُ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ (أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ) لِأَنَّ فِيهِ بَعْضَ أَكْمَلِيَّةٍ وَأَشْرَفِيَّةٍ (وَحَاضِرٌ) أَيْ: مُقِيمٌ، أَوْلَى مِنْ مُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَرَ فَفَاتَ الْمَأْمُومِينَ بَعْضُ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً.

وَلَا تُكْرَه إمَامَةُ مُسَافِرٍ بِمُقِيمِينَ، إنْ قَصَرَ فَإِنْ أَتَمَّ كُرِهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>