مَنَعَ ذَلِكَ مُشَاهَدَتَهُ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَتِرٌ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ فَيَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ نَصًّا، إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مُشَاهَدَتَهُ لَمْ يُكْرَهْ.
(وَ) يُكْرَهُ (تَطَوُّعُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (بَعْدَ) صَلَاةٍ (مَكْتُوبَةٍ مَوْضِعُهَا) نَصًّا لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا «لَا يُصَلِّيَنَّ الْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ، حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ فِي تَحَوُّلِهِ إعْلَامًا بِأَنَّهُ صَلَّى فَلَا يُنْتَظَرُ.
(وَ) يُكْرَهُ (مُكْثُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (كَثِيرًا) بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، أَيْ: هُنَاكَ (نِسَاءٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكَتْ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ لِلْخَبَرِ، إنَّ لَمْ يَطُلْ لُبْثُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نِسَاءٌ مَكَثَ هُوَ وَالرِّجَالُ حَتَّى يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ لِلْخَبَرِ وَلِئَلَّا يَخْتَلِطَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ.
(وَ) يُكْرَهُ (وُقُوفُ مَأْمُومِينَ بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفًا) لِقَوْلِ «أَنَسٍ كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ يَقْطَعُ، فَإِنْ كَانَ الصَّفُّ صَغِيرًا قَدْرَ مَا بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ لَمْ يُكْرَهْ (بِلَا حَاجَةٍ فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، كَضِيقِ مَسْجِدٍ، أَوْ مَطَرٍ.
(وَيَنْحَرِفُ إمَامٌ) اسْتِحْبَابًا بَعْدَ صَلَاتِهِ (إلَى مَأْمُومٍ) لِحَدِيثِ سَمُرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (جِهَةَ قَصْدِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ لِأَنَّهُ الْأَسْهَلُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ جِهَةً (فَ) يَنْحَرِفُ (عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ، فَتَلِي يَسَارَهُ الْقِبْلَةُ، تَمْيِيزًا لِجَانِبِ الْيُمْنَى (وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ) وَإِنْ أَحْدَثَهُ النَّاسُ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ عَلَى الْقِبْلَةِ وَلِهَذَا اسْتَحَبَّهُ بَعْضُهُمْ.
(وَحَرُمَ بِنَاءُ مَسْجِدٍ، يُرَادُ بِهِ الضَّرَرُ لِمَسْجِدٍ بِقُرْبِهِ، فَيُهْدَمُ) مَا بُنِيَ ضِرَارًا وُجُوبًا لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» " فَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الضَّرَرُ جَازَ وَإِنْ قَرُبَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا وَيُهْدَمُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إذَا بَعُدَ يَجُوزُ، وَلَوْ قُصِدَ بِهِ الضَّرَرُ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ إمَامٍ مَكَانًا بِمَسْجِدٍ لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا فِيهِ، وَيُبَاحُ فِي النَّفْلِ.
وَقَالَ الْمَرْوَزِيِّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوطِنُ الْأَمَاكِنَ وَيُكْرَهُ إيطَانُهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute