وَكَذَا إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِمَكَانٍ مِنْ الصَّحْرَاءِ قَرِيبٍ مِنْ الْبَلَدِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا.
(وَلَوْ تَفَرَّقَ) بِنَاءُ الْبَلَدِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (وَشَمِلَهُ) أَيْ الْبِنَاءَ (اسْمٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّهُ بَلَدٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَفَرَّقَ بِمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ لَمْ تَصِحَّ فِيهَا، صَحَّحَهُ فِي الْمُبْدِعِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْهَا مَا يَسْكُنُهُ أَرْبَعُونَ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَيَتْبَعُهُمْ الْبَاقُونَ وَرَبَضُ الْبَلَدِ وَهُوَ مَا حَوْلَهَا لَهُ حُكْمُهُ.
وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ (إنَّ بَلَغُوا) أَيْ أَهْلُ الْقَرْيَةِ (أَرْبَعِينَ) مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا (أَوْ) لَمْ يَبْلُغُوا أَرْبَعِينَ لَكِنْ (لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ مِنْ الْمِصْرِ (أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ) نَصًّا (تَقْرِيبًا فَتَلْزَمُهُمْ) الْجُمُعَةُ (بِغَيْرِهِمْ كَمَنْ بِخِيَامٍ وَنَحْوِهَا) كَبُيُوتِ شَعْرٍ وَمُسَافِرٍ أَقَامَ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ وَلَمْ يَسْتَوْطِنْ.
(وَلَا تَجِبُ) جُمُعَةٌ (عَلَى مُسَافِرٍ فَوْقَ فَرْسَخٍ) لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْجُمُعَةَ فِي السَّفَرِ، مَعَ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ (إلَّا فِي سَفَرٍ لَا قَصْرَ مَعَهُ) كَسَفَرِ مَعْصِيَةٍ وَمَا دُونَ الْمَسَافَةِ، فَتَلْزَمُهُ بِغَيْرِهِ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُقِيمَ مَا يَمْنَعُهُ) أَيْ الْقَصْرَ
كَفَوْقِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ (لِشُغْلٍ) كَتَاجِرٍ مُقِيمٍ لِبَيْعِ مَتَاعِهِ (أَوْ) يُقِيمُ لِطَلَبِ (عِلْمٍ وَنَحْوِهِ) كَرِبَاطِ (فَوْقِ أَرْبَعَةِ) أَيَّامٍ (فَتَلْزَمُهُ) الْجُمُعَةُ (بِغَيْرِهِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ.
وَ (لَا) تَجِبُ عَلَى (عَبْدٍ، وَ) لَا عَلَى (مُبَعَّضٍ) وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ مُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا (وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى) مُشْكِلٍ، لِحَدِيثِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، وَالْخُنْثَى لَمْ تَتَحَقَّقْ ذُكُورِيَّتُهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُهَا احْتِيَاطًا (وَمَنْ حَضَرَهَا) أَيْ الْجُمُعَةَ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ مُسَافِرٍ وَعَبْدٍ وَمُبَعَّضٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى (أَجْزَأَتْهُ) عَنْ الظُّهْرِ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ تَخْفِيفٌ،
فَإِذَا صَلَّاهَا فَكَالْمَرِيضِ إذَا تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ (وَلَمْ تَنْعَقِدْ) الْجُمُعَةُ (بِهِ) فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا وَإِنَّمَا صَحَّتْ مِنْهُ تَبَعًا (وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ) فِيهَا لِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ مَتْبُوعًا (وَلَا) يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ أَيْضًا (مَنْ لَزِمَتْهُ) الْجُمُعَةُ (بِغَيْرِهِ فِيهَا) كَمُسَافِرٍ أَقَامَ لِطَلَبِ عِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَمَنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ) كَخَائِفٍ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ، وَنَحْوُهُ مَنْ لَهُ شُغْلٌ أَوْ عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ (إذَا حَضَرَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَانْعَقَدَتْ بِهِ) وَجَازَ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا لِأَنَّ السَّاقِطَ عَنْهُ الْحُضُورُ لِلْمَشَقَّةِ فَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute