للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ فِي الشَّامِ تِسْعَ سِنِينَ وَكَانُوا يُجْمِعُونَ (أَحَدُهَا) أَيْ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ (الْوَقْتُ) لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ.

فَاعْتُبِرَ لَهَا الْوَقْتُ كَبَقِيَّةِ الْمَفْرُوضَاتِ (وَهُوَ) أَيْ وَقْتُ الْجُمُعَةِ (مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِيدِ) نَصَّ عَلَيْهِ. لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ السُّلَمِيُّ قَالَ " شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُمَرَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ: قَدْ انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْتهَا مَعَ عُثْمَانَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ: زَالَ النَّهَارُ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَهُ ".

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَسَعِيدٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، (إلَى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ) إلْحَاقًا لَهَا بِهَا لِوُقُوعِهَا مَوْضِعَهَا (وَتَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (بِزَوَالٍ) لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ وَقْتُ جَوَازٍ.

(وَ) فِعْلُهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الزَّوَالِ (أَفْضَلُ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ وَالْأَوْلَى فِعْلُهَا عَقِبَ الزَّوَالِ صَيْفًا وَشِتَاءً (وَلَا تَسْقُطُ) الْجُمُعَةُ (بِشَكٍّ فِي خُرُوجِهِ) أَيْ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَالْوُجُوبُ مُحَقَّقٌ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَعَلُوهَا (فَإِنْ تَحَقَّقُوا) خُرُوجَهُ (قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ صَلَّوْا ظُهْرًا) لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقُوا خُرُوجَهُ قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ (أَتَمُّوا جُمُعَةً) نَصًّا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَهِيَ تُدْرَكُ بِالتَّحْرِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِنْ عَلِمُوا إحْرَامَهُمْ بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَوْا ظُهْرًا لِبُطْلَانِ جُمُعَتِهِمْ.

(الثَّانِي: اسْتِيطَانُ أَرْبَعِينَ) رَجُلًا (وَلَوْ بِالْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ " أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ " صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ.

وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُنْقَلْ عَمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنَّهَا صُلِّيَتْ بِدُونِ ذَلِكَ (بِقَرْيَةٍ) مَبْنِيَّةٍ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ خَشَبٍ، أَوْ غَيْرِهَا، مُقِيمِينَ بِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا الْمِصْرُ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ الْخَرِكِ، وَنَحْوِهَا (فَلَا تَتِمُّ) الْأَرْبَعُونَ (مِنْ مَكَانَيْنِ) أَيْ بَلَدَيْنِ (مُتَقَارِبَيْنِ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ أَرْبَعِينَ، لِفَقْدِ شَرْطِهَا.

(وَلَا يَصِحُّ بِجَمِيعِ أَهْلِ بَلَدٍ كَامِلٍ) فِيهِ الْعَدَدُ (فِي بَلَدٍ نَاقِصٍ) فِيهِ الْعَدَدُ وَيَلْزَمُ التَّجْمِيعُ فِي الْكَامِلِ لِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>