للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيِّنٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ، كَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ، لَكَانَ أَوْلَى. فَيَشْمَلُ الْيَابِسَ الْمُنْدِي (يُنْقِي) الْفَمَ (لَا يَجْرَحُهُ وَلَا يَضُرُّهُ وَلَا يَتَفَتَّتُ) فِي الْفَمِ.

(وَيُكْرَهُ) لِلتَّسَوُّكِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْعُودِ اللَّيِّنِ الْمُنَقِّي الَّذِي لَا يَجْرَحُ وَلَا يَضُرُّ. وَلَا يَتَفَتَّتُ كَالْيَابِسِ. وَاَلَّذِي يَجْرَحُ، كَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ، وَاَلَّذِي يَضُرُّ كَالرَّيْحَانِ وَالرُّمَّانِ، وَمَا يَتَفَتَّتُ فِي الْفَمِ. وَلَا يَتَخَلَّلُ أَيْضًا بِرُمَّانٍ، وَلَا رَيْحَانٍ ; لِأَنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ كَمَا فِي الْخَبَرِ، وَلَا بِالْقَصَبِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا بِمَا يَجْهَلُهُ، لِئَلَّا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ (مَسْنُونٌ) خَبَرٌ عَنْ التَّسَوُّكِ وَمَا عَطْفٌ عَلَيْهِ (مُطْلَقًا) أَيْ: فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْحَالَاتِ.

لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو خُزَيْمَةَ وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» .

(إلَّا الصَّائِمُ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَيُكْرَهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ غَالِبًا بَعْدَ الزَّوَالِ ; وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ مُسْتَطَابٌ شَرْعًا. فَتُسْتَحَبُّ إدَامَتُهُ كَدَمِ الشَّهِيدِ عَلَيْهِ.

(وَيُبَاحُ) التَّسَوُّكُ (قَبْلَهُ) أَيْ: الزَّوَالِ لِصَائِمٍ (بِعُودٍ رَطْبٍ وَيَابِسٍ) مُنَدَّى يُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ قَبْلَهُ. لِقَوْلِ عَامِر بْنِ رَبِيعَةَ «رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مِنْ خَيْرِ خِصَالِ الصَّائِمِ: السِّوَاكُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مَحْمُولَانِ عَلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «إذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ، وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ» وَالرَّطْبُ مَظِنَّةُ التَّحَلُّلِ مِنْهُ، فَلِذَلِكَ أُبِيحَ السِّوَاكُ بِهِ، بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَ (يُسْتَحَبُّ) كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَمْ يُصِبْ السُّنَّةَ مَنْ اسْتَاكَ بِغَيْرِ عُودٍ) كَمَنْ اسْتَاكَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ خِرْقَةٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ حُصُولَهُ بِالْعُودِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: التَّسَاوِي بَيْنَ جَمِيعِ الْعِيدَانِ، غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهُ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: لَا يُعْدَلُ عَنْ الْأَرَاكِ وَالزَّيْتُونِ وَالْعُرْجُونِ إلَّا لِتَعَذُّرِهِ.

(وَيَتَأَكَّدُ) اسْتِحْبَابُ السِّوَاكِ فِي خَمْسَةِ مُوَاضِعَ (عِنْدَ صَلَاةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَرَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ «لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْهِمْ الْوُضُوءَ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ.

(وَ) عِنْدَ (انْتِبَاهٍ) مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>