تَرْجِيلُ الشَّعْرِ، وَلِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَنَّ مِثْلَهُ نَوْعُ الْمَلْبَسِ وَالْمَأْكَلِ.
وَلَمَّا فَتَحُوا الْأَمْصَارَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْكُلُ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ وَيَلْبَسُ مِنْ لِبَاسِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدُوا قُوتَ الْمَدِينَةِ وَلِبَاسَهَا.
(وَ) سُنَّ (اكْتِحَالٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا) بِإِثْمِدٍ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ كُلَّ لَيْلَة قَبْلَ النَّوْمِ. لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ. وَكَانَ يَكْتَحِلُ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
" تَتِمَّةٌ " يُسَنُّ اتِّخَاذُ الشَّعْرِ.
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ سُنَّةٌ، وَلَوْ نَقْوَى عَلَيْهِ اتَّخَذْنَاهُ، وَلَكِنْ لَهُ كُلْفَةٌ وَمُؤْنَةٌ، وَيَغْسِلُهُ وَيُسَرِّحُهُ وَيَفْرُقُهُ، وَيَكُونُ إلَى أُذُنَيْهِ، وَيَنْتَهِي إلَى مَنْكِبَيْهِ، كَشَعْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعْفِي لِحْيَتَهُ وَيَحْرُمُ حَلْقُهَا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَلَا يُكْرَهُ أَخْذ مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ وَمَا تَحْتَ حَلْقِهِ، وَأَخَذَ أَحْمَدُ مِنْ حَاجِبَيْهِ وَعَارِضَيْهِ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ.
(وَ) سُنَّ (نَظَرٌ فِي مِرْآةٍ) لِيُزِيلَ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بِوَجْهِهِ مِنْ أَذًى وَيَفْطُنُ إلَى نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي خَلْقِهِ وَيَقُولُ مَا وَرَدَ، وَمِنْهُ " اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْت خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي، وَحَرِّمْ وَجْهِي عَلَى النَّارِ " (وَ) سُنَّ (تَطَيُّبٌ) لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا «أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: الْحَيَاءُ، وَالتَّعَطُّرُ، وَالسِّوَاكُ، وَالنِّكَاحُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَيُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَعَكْسُهُ لِلْمَرْأَةِ
(وَيَجِبُ خِتَانُ ذَكَرٍ) بِأَخْذِ جِلْدَةِ الْحَشَفَةِ، وَقَالَ جَمْعٌ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَكْثَرِهَا جَازَ (وَ) يَجِبُ خِتَانُ (أُنْثَى) بِأَخْذِ جِلْدَةٍ فَوْقَ مَحَلِّ الْإِيلَاجِ تُشْبِه عُرْفَ الدِّيكِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُؤْخَذَ كُلُّهَا نَصًّا، لِحَدِيثِ «اخْفِضِي وَلَا تُنْهِكِي، فَإِنَّهُ أَنْضَرُ لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْد الزَّوْجِ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ مَرْفُوعًا، وَلِلزَّوْجِ جَبْرُ زَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَيْهِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ أَسْلَمَ «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي حَدِيثٍ «اُخْتُتِنَ إبْرَاهِيمُ بَعْد مَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] وَلِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يُخْتَتَنَّ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُشَدِّدُ فِي أَمْرِهِ، حَتَّى قَدْ رُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ لَا حَجَّ لَهُ وَلَا صَلَاةَ.
(وَ) يَجِبُ خِتَانُ (قُبُلَيْ خُنْثَى) مُشْكِلٍ احْتِيَاطًا (عِنْدَ بُلُوغٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْسَ مُكَلَّفًا (مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ) تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا، فَإِنْ خَافَ سَقَطَ وُجُوبُهُ، كَمَا لَوْ خَافَ ذَلِكَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي نَحْوِ