الْآيَةَ، (وَ) أَمَرَهُمْ ب (تَرْكِ التَّشَاحُنِ) مِنْ الشَّحْنَاءِ، وَهِيَ الْعَدَاوَةُ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَتَمْنَعُ نُزُولَ الْخَيْرِ لِحَدِيثِ " «خَرَجْت أُخْبِرُكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ» " (وَ) أَمَرَهُمْ (بِالصَّدَقَةِ) لِتَضَمُّنِهَا الرَّحْمَة فَيُرْحَمُونَ بِنُزُولِ الْغَيْثِ (وَ) أَمَرَهُمْ ب (الصَّوْمِ) لِخَبَرِ " «لِلصَّائِمِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ» " زَادَ بَعْضُهُمْ " ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " وَأَنَّهُ يَخْرُجُ صَائِمًا (وَلَا يَلْزَمَانِ) أَيْ الصَّدَقَةُ وَالصَّوْمُ (بِأَمْرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا.
لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي السِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْأُمُورِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا لَا مُطْلَقًا ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَيَعِدُهُمْ) الْإِمَامُ (يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ) أَيْ يُعَيِّنُهُ لَهُمْ لِيَتَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَسْنُونَةِ (وَيَتَنَظَّفُ لَهَا) أَيْ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ بِالْغُسْلِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ، وَإِزَالَةِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ لِئَلَّا يُؤْذِيَ النَّاسَ (وَلَا يَتَطَيَّبُ) لِأَنَّهُ يَوْمُ اسْتِكَانَةٍ وَخُضُوعٍ.
(وَيَخْرُجُ) إمَامٌ وَغَيْرُهُ (مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا) خَاضِعًا (مُتَذَلِّلًا) مِنْ الذُّلِّ أَيْ الْهَوَانِ (مُتَضَرِّعًا) مُسْتَكِينًا لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِاسْتِسْقَاءِ مُتَذَلِّلًا، مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَضَرِّعًا، حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَمَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالشُّيُوخِ) لِسُرْعَةِ إجَابَةِ دَعْوَتِهِمْ.
(وَيُسَنُّ خُرُوجُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ فَدُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ (وَأُبِيحَ خُرُوجُ طِفْلٍ وَعَجُوزٍ وَبَهِيمَةٍ) لِأَنَّهُمْ خَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى وَعِيَالُهُ.
(وَ) أُبِيحَ (التَّوَسُّلُ بِالصَّالِحِينَ) رَجَاءَ الْإِجَابَةِ وَاسْتَسْقَى عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ، وَمُعَاوِيَةُ بِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ. وَاسْتَسْقَى بِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ مَرَّةً أُخْرَى ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ.
(وَلَا نَمْنَعُ أَهْلَ الذِّمَّةِ) مِنْ الْخُرُوجِ لِلِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهُ لِطَلَبِ الرِّزْقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ كَأَرْزَاقِنَا (إنْ أَرَادُوا) الْخُرُوجَ (مُنْفَرِدِينَ) بِمَكَانٍ لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ فَيَعُمَّ مَنْ حَضَرَهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: " {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] " الْآيَةَ وَ (لَا) يُمَكَّنُونَ مِنْهُ إنْ أَرَادُوا أَنْ يَنْفَرِدُوا (بِيَوْمٍ) لِئَلَّا يَتَّفِقَ نَزُولُ غَيْثٍ فِيهِ فَتَعْظُمَ فِتْنَتُهُمْ، وَرُبَّمَا افْتَتَنَ بِهِمْ غَيْرُهُمْ (وَكُرِهَ إخْرَاجُنَا لَهُمْ) أَيْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ، فَهُمْ أَبْعَدُ إجَابَةً.
(فَيُصَلِّي) الْإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَهُ رَكْعَتَيْنِ كَالْعِيدِ وَتَقَدَّمَ (ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً) عَلَى الْمِنْبَرِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ غَيْرُهُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَفْتَتِحُهَا) أَيْ الْخُطْبَةَ (بِالتَّكْبِيرِ) تَسْعًا نَسَقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute