للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُطْبَةِ) لِأَنَّهُ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوَّلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ» ".

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (فَيَقُولُ سِرًّا: اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتَنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتَنَا إجَابَتَك، وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتَنَا فَاسْتَجِبْ مِنَّا كَمَا وَعَدْتَنَا) قَالَ تَعَالَى: " {اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] " الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى: " {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبَ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] " الْآيَةَ وَإِنْ دَعَا بِغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ (ثُمَّ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَ) يَجْعَلُ (الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ) نَصًّا لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " أَنَّ الْخَمِيصَةَ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ " أُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ ظَنِّ الرَّاوِي وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ. وَيَبْعُدُ تَرْكُهُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لِلثِّقَلِ (وَكَذَا النَّاسُ) فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ لَا دَلِيلَ لِلْخُصُوصِيَّةِ، خُصُوصًا وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّفَاؤُلُ بِالتَّحَوُّلِ مِنْ الْجَدْبِ إلَى الْخِصْبِ (وَيَتْرُكُونَهُ) أَيْ الرِّدَاءَ مُحَوَّلًا (حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ غَيَّرُوا الْأَرْدِيَةَ حَتَّى عَادُوا (فَإِنْ سُقُوا) فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَفَضْلٌ مِنْ اللَّهِ وَنِعْمَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسْقَوْا أَوَّلَ مَرَّةٍ (أَعَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّضَرُّعِ.

وَلِحَدِيثِ " «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ» " قَالَ أَصْبَغُ: اُسْتُسْقِيَ لِلنِّيلِ بِمِصْرَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَرَّةً مُتَوَالِيَةً وَحَضَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمْعٌ (وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ) لِلِاسْتِسْقَاءِ (فَإِنْ) كَانُوا (تَأَهَّبُوا) لِلْخُرُوجِ لَهُ (خَرَجُوا وَصَلَّوْهَا) أَيْ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ (شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى) وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لِطَلَبِ رَفْعِ الْجَدْبِ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الْمَطَرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ قَبْلَهُ (لَمْ يَخْرُجُوا وَشَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ يُسْتَحَبُّ التَّشَاغُلُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ بِالدُّعَاءِ لِلْخَبَرِ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَرْفُوعًا " «كَانَ إذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

(وَسُنَّ وُقُوفٌ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ) وَتَوَضُّؤٌ (وَاغْتِسَالٌ مِنْهُ، وَإِخْرَاجُ رِحَالٍ) أَيْ مَا يُسْتَصْحَبُ مِنْ أَثَاثٍ (وَ) إخْرَاجُ (ثِيَابِهِ لِيُصِيبَهَا) الْمَطَرُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ " «أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ، فَحَسِرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَ مِنْ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا لِمَ صَنَعْت هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» .

" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَنْزِعُ ثِيَابَهُ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ إلَّا الْإِزَارَ يَتَّزِرُ بِهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>