مَنْ قُبِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ دُفِنَ (مَنْ فَاتَتْهُ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الدَّفْنِ (إلَى شَهْرٍ مِنْ دَفْنِهِ) قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ يَشُكُّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ؟ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّةِ وُجُوهٍ كُلُّهَا حِسَانٌ، وَقَالَ: أَكْثَرُ مَا سَمِعْت «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى أُمِّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بَعْدَ شَهْرٍ» (وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ) عَلَى شَهْرٍ.
قَالَ الْقَاضِي: كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ انْتَهَى وَإِنْ شَكَّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ صَلَّى حَتَّى يَعْلَمَ انْتِهَاءَهَا (وَتَحْرُمُ) صَلَاةٌ عَلَى قَبْرٍ (بَعْدَهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ نَصًّا لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَى قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ لَا يُصَلِّي عَلَى قَبْرِهِ (وَيَكُونُ الْمَيِّتُ) إذَا صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ (كَإِمَامٍ) فَيَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، كَمَا قَبْلَ الدَّفْنِ.
(وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ تَحْقِيقًا) بِأَنْ تَحَقَّقَ الْمَوْتُ وَكَانَ الْمَيِّتُ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) وَهُوَ (غَيْرُ شَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ فَ) حُكْمُهُ (كَكُلِّهِ) أَيْ كُلِّ الْمَيِّتِ لَوْ وُجِدَ، فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وُجُوبًا ; لِأَنَّ أَبَا أَيُّوبَ صَلَّى عَلَى رِجْلِ إنْسَانٍ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَصَلَّى عُمَرُ عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ. وَصَلَّى أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى رُءُوسٍ. رَوَاهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " أَلْقَى طَائِرٌ يَدًا بِمَكَّةَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ عُرِفَتْ بِالْخَاتَمِ وَكَانَتْ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، فَصَلَّى عَلَيْهَا أَهْلُ مَكَّةَ " وَلِأَنَّهُ بَعْضٌ مِنْ مَيِّتٍ فَثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْجُمْلَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صُلِّيَ عَلَيْهِ، غُسِّلَ مَا وُجِدَ وَكُفِّنَ وُجُوبًا، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ نَدْبًا، كَمَا يَأْتِي.
وَإِنْ كَانَ مَا وُجِدَ شَعْرًا أَوْ ظُفُرًا أَوْ سِنًّا، فَلَا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ حَالَ الْحَيَاةِ (وَيَنْوِي بِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى مَا وُجِدَ (ذَلِكَ الْبَعْضُ) الْمَوْجُودُ (فَقَطْ) لِأَنَّهُ الْحَاضِرُ (وَكَذَا إنْ وُجِدَ الْبَاقِي) مِنْ الْمَيِّتِ، فَيُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (وَيُدْفَنُ بِجَنْبِهِ) أَيْ الْقَبْرِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: أَوْ نُبِشَ بَعْضُ الْقَبْرِ وَدُفِنَ فِيهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى كَشْفِ مَيِّتٍ.
(وَتُكْرَهُ) لِمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ (إعَادَةُ الصَّلَاةِ) عَلَيْهَا مَرَّةً ثَانِيَةً، قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يُصَلِّيهَا مُرَّتَيْنِ كَالْعِيدِ (إلَّا إذَا وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ بِشَرْطِهِ) بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ شَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ (صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ) سِوَى مَا وُجِدَ (فَتُسَنُّ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ (ك) اسْتِحْبَابِ (صَلَاةِ مَنْ فَاتَتْهُ) صَلَاةُ جِنَازَةٍ مَعَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَوَّلًا، فَعَلَهُ أَنَسٌ وَعَلِيٌّ وَغَيْرُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute