(وَيَجِبُ) الْوُضُوءُ (بِحَدَثٍ) أَيْ: بِسَبَبِهِ.
وَفِي الِانْتِصَارِ: بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ عَنْ حَدَثٍ وَنَجَسٍ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ، بَلْ تُسْتَحَبُّ.
وَفِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ. وَيَتَوَجَّهُ قِيَاسُهُ غَسْلٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ لَفْظِيٌّ (وَيَحِلُّ) الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ (جَمِيعَ الْبَدَنِ كَجَنَابَةٍ) يُؤَيِّدُهُ: أَنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَحِلُّ لَهُ مَسُّ مُصْحَفٍ بِعُضْوٍ غَسَلَهُ فِي الْوُضُوءِ، حَتَّى يُتَمِّمَ وُضُوءَهُ.
(وَتَجِبُ التَّسْمِيَةُ) أَيْ: قَوْلُ " بِسْمِ اللَّهِ " فِي الْوُضُوءِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ: حَدِيثُ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَعْنِي حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.
وَسُئِلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: أَيُّ حَدِيثٍ أَصَحُّ فِي التَّسْمِيَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ، وَمَحَلُّهَا اللِّسَانُ، وَوَقْتُهَا بَعْدَ النِّيَّةِ. وَصِفَتُهَا " بِسْمِ اللَّهِ " (وَتَسْقُطُ سَهْوًا) نَصًّا. لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» .
وَكَوَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ (ك) مَا تَجِبُ (فِي غُسْلٍ) وَتَسْقُطُ فِيهِ سَهْوًا، قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ (لَكِنْ إنْ ذَكَرَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ؟ (فِي بَعْضِهِ) أَيْ: الْوُضُوءِ مَنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِهِ (ابْتَدَأَ) الْوُضُوءَ ; لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى جَمِيعِهِ. فَوَجَبَ كَمَا لَوْ ذَكَرَهَا فِي أَوَّلِهِ. صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْفُرُوعِ.
وَقِيلَ: يَأْتِي بِهَا حِينَ ذَكَرَهَا، وَيَبْنِي عَلَى وُضُوئِهِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ. وَحَكَاهُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَرَدَّ الْأَوَّلَ (وَتَكْفِي إشَارَةُ أَخْرَسَ وَنَحْوِهِ) كَمُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ (بِهَا) أَيْ: بِالتَّسْمِيَةِ بِرَأْسِهِ، أَوْ طَرْفِهِ أَوْ أُصْبُعِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ.
(وَفُرُوضُهُ) أَيْ: الْوُضُوءُ، جَمْعُ فَرْضٍ. وَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَالْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ. سِتَّةُ أَشْيَاءٍ:
أَحَدُهَا: (غَسْلُ الْوَجْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] (وَمِنْهُ) أَيْ: الْوَجْهِ (فَمٌ وَأَنْفٌ) لِدُخُولِهِمَا فِي حَدِّهِ.
وَكَوْنُهُمَا فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، بِدَلِيلِ غَسْلِهِمَا مِنْ النَّجَاسَةِ، وَفِطْرِ الصَّائِمِ بِعَوْدِ الْقَيْءِ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَيْهِمَا. وَأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِوُصُولِ شَيْءٍ إلَيْهِمَا.
(وَ) الثَّانِي (غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: