للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ قَوِّمْهَا، وَأَدِّ زَكَاتَهَا " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَسَعِيدٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَلِأَنَّهَا مَالٌ مُرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ أَشْبَهَ النَّقْدَيْنِ وَالْمَوَاشِيَ (وَإِنَّمَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي قِيمَةِ) عُرُوضِ تِجَارَةٍ (بَلَغَتْ نِصَابًا) مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ لَا فِي نَفْسِ الْعُرُوضِ ; لِأَنَّ النِّصَابَ مُعْتَبَرٌ بِالْقِيمَةِ فَهِيَ مَحَلُّ الْوُجُوبِ.

وَالْقِيمَةُ إنْ لَمْ تُوجَدْ عَيْنًا فَهِيَ مُقَدَّرَةٌ شَرْعًا (لِمَا) أَيْ: عَرْضٍ (مُلِكَ بِفِعْلٍ) كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ (وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) كَاكْتِسَابِ مُبَاحٍ وَقَبُولِهِ هِبَةً وَوَصِيَّةً (أَوْ) كَانَ الْعَرْضُ (مَنْفَعَةً) كَمَنْ يَسْتَأْجِرُ حَانَاتٍ وَحَوَانِيتَ لِيَرْبَحَ فِيهَا (أَوْ) كَانَ الْمِلْكُ (اسْتِرْدَادًا) لِمَبِيعٍ بِخِيَارٍ أَوْ إقَالَةٍ (بِنِيَّةِ تِجَارَةٍ) عِنْدَ الْمِلْكِ مَعَ الِاسْتِصْحَابِ إلَى تَمَامِ الْحَوْلِ كَالنِّصَابِ ; لِأَنَّ التِّجَارَةَ عَمَلٌ، فَدَخَلَ فِي " إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " فَإِنْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، كَإِرْثٍ وَمَضَى حَوْلُ تَعْرِيفِ لَفْظَةٍ، أَوْ مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ، لَا بِنِيَّةِ تِجَارَةٍ، ثُمَّ نَوَاهَا لَهَا. لَمْ تَصِرْ لَهَا ; لِأَنَّ مَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ مِنْ أَصْلِهِ لَا يَصِيرُ مَحَلًّا لَهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَالْمَعْلُوفَةِ يَنْوِي سَوْمَهَا، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، لِضَعْفِهَا (أَوْ اسْتِصْحَابِ حُكْمِهَا) أَيْ: بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ (فِيمَا تُعَوِّضُ عَنْ عَرْضِهَا) أَيْ: التِّجَارَةِ وَلَوْ بِصُلْحٍ عَنْ قِنِّهَا الْمَقْتُولِ، بِأَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ، كَأَنْ تُعَوِّضَ عَنْ عَرْضِهَا شَيْئًا بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ (وَلَا تُجْزِي) زَكَاةُ تِجَارَةٍ (مِنْ الْعُرُوضِ) وَلَوْ بَهِيمَةَ أَنْعَامٍ أَوْ فُلُوسًا نَافِقَةً ; لِأَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ الْقِيمَةُ.

(وَمَنْ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِتِجَارَةٍ فَنَوَاهُ لِقِنْيَةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا، صَارَ لَهَا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (ثُمَّ) نَوَاهُ (لِتِجَارَةٍ لَمْ يَصِرْ لَهَا) أَيْ: التِّجَارَةِ لِأَنَّ الْقُنْيَةِ الْأَصْلُ، فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِضَعْفِهَا، وَفَارَقَ السَّائِمَةَ إذَا نَوَى عَلْفَهَا ; لِأَنَّ الْإِسَامَةَ شَرْطٌ دُونَ نِيَّتِهَا، فَلَا يَنْتَفِي الْوُجُوبُ إلَّا بِانْتِفَاءِ السَّوْمِ (غَيْرَ حُلِيٍّ لُبِسَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ زَكَاتِهِ، فَإِذَا نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ فَقَدْ رَدَّهُ إلَى الْأَصْلِ، فَيَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ.

(وَتُقَوَّمُ) عُرُوضُ تِجَارَةٍ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ (بِالْأَحَظِّ لِلْمَسَاكِينِ) يَعْنِي أَهْلَ الزَّكَاةِ (مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) كَأَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَتُقَوَّمَ بِهِ (لَا بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ) مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ تَقْوِيمُ مَالِ تِجَارَةٍ لِلزَّكَاةِ، فَكَانَ بِالْأَحَظِّ لِأَهْلِهَا، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِعَرْضٍ قِنْيَةً وَفِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مُتَسَاوِيَانِ غَلَبَةً، وَبَلَغَتْ نِصَابًا بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْآخَرِ (فَتُقَوَّمُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>