للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْخِيرُ دَيْنِ الْآدَمِيِّ لِذَلِكَ فَالزَّكَاةُ أَوْلَى.

(وَلَهُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (لِشِدَّةِ حَاجَةٍ) أَيْ: لِيَدْفَعَهَا لِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ مِمَّنْ هُوَ حَاضِرٌ نَصًّا، وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ.

(وَ) لَهُ تَأْخِيرُهَا لِيَدْفَعَهَا (الْقَرِيبُ وَجَارٍ) لِأَنَّهَا عَلَى الْقَرِيبِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، وَالْجَارُ فِي مَعْنَاهُ.

(وَ) لَهُ تَأْخِيرُهَا (لِحَاجَتِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (إلَيْهَا إلَى مَيْسَرَتِهِ) نَصًّا. وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُمَرَ «إنَّهُمْ احْتَاجُوا عَامًا فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ الصَّدَقَةَ فِيهِ، وَأَخَذَهَا مِنْهُمْ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى» .

(وَ) لَهُ تَأْخِيرُهَا (لِتَعَذُّرِ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَالِ لِغَيْبَةِ) الْمَالِ (وَغَيْرِهَا) كَغَصْبِهِ وَسَرِقَتِهِ وَكَوْنِهِ دَيْنًا (إلَى قُدْرَتِهِ) عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، فَلَا يُكَلِّفُهَا مِنْ غَيْرِهِ (وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ) لَمْ يَلْزَمْهُ ; لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ عَيْنِ الْمَخْرَجِ مِنْهُ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِهِ رُخْصَةٌ. فَلَا تَنْقَلِبُ تَضْيِيقًا.

(وَلِإِمَامٍ وَسَاعٍ تَأْخِيرُهَا عِنْدَ رَبِّهَا لِمَصْلَحَةٍ، كَقَحْطٍ وَنَحْوِهِ) نَصًّا، لِفِعْلِ عُمَرَ. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَبَّاسِ «فَهِيَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَكَذَا أَوَّلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.

(وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (عَالِمًا) وُجُوبَهَا (أَوْ جَاهِلًا) بِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ كَوْنِهِ نَشَأَ (بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ) عَنْ الْقُرَى (وَعَرَفَ) جَاهِلٌ (فَعَلِمَ وَأَصَرَّ) عَلَى جُحُودِهِ عِنَادًا (فَقَدْ ارْتَدَّ) لِتَكْذِيبِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.

(وَلَوْ أَخْرَجَهَا) جَاحِدًا لِظُهُورِ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ، فَلَا عُذْرَ لَهُ (وَتُؤْخَذُ) مِنْهُ إنْ كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَهَا.

(وَمَنْ مَنَعَهَا) أَيْ: الزَّكَاةَ (بُخْلًا بِهَا أَوْ تَهَاوُنًا) بِلَا جَحْدٍ (أُخِذَتْ مِنْهُ) قَهْرًا كَدَيْنِ آدَمِيٍّ وَخَرَاجٍ (وَعَزَّرَ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَنْعِ بُخْلًا أَوْ تَهَاوُنًا (إمَامٌ) فَاعِلُ عَزَّرَ (عَادِلٌ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا لَا يَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفِهَا فَهُوَ عُذْرٌ لَهُ فِي عَدَمِ دَفْعِهَا إلَيْهِ، فَلَا يُعَزِّرُهُ (أَوْ) عَزَّرَهُ (عَامِلٌ) عَدْلٌ يَمْنَعُهُ الزَّكَاةَ.

(فَإِنْ غَيَّبَ) مَالَهُ (أَوْ كَتَمَ مَالَهٌ قَاتَلَهُ دُونَهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ أَيْ: قَاتَلَ جَابِيهَا (وَأَمْكَنَ أَخْذُهَا) مِنْهُ (بِقِتَالِهِ) أَيْ: قِتَالِ الْإِمَامِ إيَّاهُ (وَجَبَ قِتَالُهُ عَلَى إمَامٍ وَضَعَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (مَوَاضِعَهَا) لِاتِّفَاقِ الصِّدِّيقِ مَعَ الصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَقَالَ: " وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا - وَفِي لَفْظٍ عِقَالًا - كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَأُخِذَتْ) الزَّكَاةُ (فَقَطْ) أَيْ: بِلَا زِيَادَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>