مَا) أَيْ: قَدْرًا (لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ) وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ (فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ) فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ; لِأَنَّ الْغَنِيَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا حَلَّتْ لَهُ مَسْأَلَتُهَا،
قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: ذَاكَرْت أَحْمَدَ، فَقُلْت: قَدْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَهُوَ فَقِيرٌ، وَيَكُونُ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً، وَتَكُونُ لَهُ الضَّيْعَةُ لَا تَكْفِيهِ، يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَذَكَرَ قَوْلَ عُمَرَ " أَعْطُوهُمْ وَإِنْ رَاحَتْ - أَيْ: رَجَعَتْ - عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِبِلِ كَذَا وَكَذَا " قُلْت: فَلِهَذَا قُدِّرَ مِنْ الْعَدَدِ أَوْ الْوَقْتِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ، وَقَالَ: إذَا كَانَ لَهُ عَقَارٌ وَضِيعَةٌ يَسْتَغِلُّهَا عَشَرَةُ آلَافٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا تُقِيمُهُ، أَيْ: تَكْفِيهِ، يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ.
(وَإِنْ تَفَرَّغَ قَادِرٌ عَلَى التَّكَسُّبِ) تَفَرُّغًا كُلِّيًّا (لِلْعِلْمِ) الشَّرْعِيِّ (لَا) إنْ تَفَرَّغَ (لِلْعِبَادَةِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ) بَيْنَ التَّكَسُّبِ وَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ (أُعْطِيَ) مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ لَازِمًا لَهُ يَتَعَدَّى نَفْعُهُ، بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ، وَيَجُوزُ أَخْذُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا بُدَّ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِنْهَا. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَ) الثَّالِثُ (عَامِلٌ عَلَيْهَا، كَجَابٍ) يَبْعَثُهُ إمَامٌ لِأَخْذِ زَكَاةٍ مِنْ أَرْبَابِهَا (وَحَافِظٍ، وَكَاتِبٍ، وَقَاسِمٍ) وَمَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا لِدُخُولِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] «وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَلَى الصَّدَقَةِ سُعَاةً وَيُعْطِيهِمْ عِمَالَتَهُمْ» (وَشَرْطُهُ: كَوْنُهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (مُكَلَّفًا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لِلْقَبْضِ (مُسْلِمًا) لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَاشْتُرِطَ فِيهَا الْإِسْلَامُ ; كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ (أَمِينًا) لِأَنَّ غَيْرَهُ يَذْهَبُ بِمَالِ الزَّكَاةِ وَيُضَيِّعُهُ (كَافِيًا) لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الْوِلَايَةِ (مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى) وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَمِثْلُهُمْ مَوَالِيهِمْ. «لِأَنَّ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَثَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبِي أَنْ يَبْعَثَهَا، وَقَالَ: إنَّمَا هَذِهِ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا (وَلَوْ) كَانَ (قِنًّا) فَلَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ لِحَدِيثِ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَقْصُود، أَشْبَهَ الْحُرَّ.
(أَوْ) كَانَ الْعَامِلُ (غَنِيًّا) لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ: لِعَامِلٍ أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مِسْكِينٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى مِنْهَا لِغَنِيٍّ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute