فَقِسْ، إذَا غُمَّ هِلَالُ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ، أَيْ: فَلَا يُفْطِرُوا قَبْلَ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بِلَا رُؤْيَةٍ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالُوا - يَعْنِي الْعُلَمَاءَ - لَا يَقَعُ النَّقْصُ مُتَوَالِيًا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
(وَمَنْ رَآهُ) أَيْ: الْهِلَالَ (وَحْدَهُ لِشَوَّالٍ. لَمْ يُفْطِرْ) لِحَدِيثِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَهُوَ وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مِنْ شَوَّالٍ يَقِينًا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْيَقِينُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لِجَوَازِ أَنَّهُ خُيِّلَ إلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّهَمَ فِي رُؤْيَتِهِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ وَمُوَافَقَةً لِلْجَمَاعَةِ، وَالْمُنْفَرِدُ بِمَفَازَةٍ يَبْنِي عَلَى يَقِينِ رُؤْيَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ.
وَإِنْ رَآهُ عَدْلَانِ وَلَمْ يَشْهَدَا عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ شَهِدَا، فَرَدَّهُمَا جَهْلًا بِحَالِهِمَا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لِمَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا الْفِطْرُ عِنْدَ الْمَجْدِ، وَجَزَمَ الْمُوَفَّقُ بِالْجَوَازِ، وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
(وَ) مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ (لِرَمَضَانَ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَجَمِيعُ أَحْكَامِ الشَّهْرِ، مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِمَا) كَظِهَارٍ (مُعَلَّقٍ بِهِ) لِأَنَّهُ يَوْمٌ عَلِمَهُ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَزِمَهُ حُكْمُهُ، كَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَإِنَّمَا جَعَلَ مِنْ شَعْبَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ظَاهِرًا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ وَيَلْزَمُهُ إمْسَاكُهُ لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ وَالْكَفَّارَةُ إنْ جَامَعَ فِيهِ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُقُوبَةً مَحْضَةً، بَلْ عِبَادَةً، أَوْ فِيهَا شَائِبَتُهَا
(وَإِنْ اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى مَنْ أُسِرَ، أَوْ طُمِرَ، أَوْ) عَلَى مَنْ (بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا) كَمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ كُفْرٍ، وَعَلِمَ وُجُوبَ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَدْرِ أَيَّ الشُّهُورِ يُسَمَّى رَمَضَانَ (تَحَرَّى) أَيْ: اجْتَهَدَ (وَصَامَ) مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ رَمَضَانُ لِأَمَارَةٍ، لِأَنَّهُ غَايَةُ جَهْدِهِ (وَيُجْزِئُهُ) الصَّوْمُ (إنْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ) صَوْمُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ: رَمَضَانَ (أَوْ بَعْدَهُ) كَمَنْ تَحَرَّى فِي غَيْمٍ وَصَلَّى، وَشَكَّ هَلْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ صَامَ أَوْ صَلَّى قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ (كَمَا لَوْ وَافَقَهُ) أَيْ: وَافَقَ صَوْمُهُ رَمَضَانَ (أَوْ) وَافَقَ (مَا بَعْدَهُ) مِنْ الشُّهُورِ ; لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ بِالِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ، فَإِذَا أَصَابَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ أَجْزَأَهُ، كَالْقِبْلَةِ إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَى مُسَافِرٍ (لَا إنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ رَمَضَانَ (الْقَابِلَ، فَلَا يُجْزِئُ) الصَّوْمُ (عَنْ وَاحِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute