التِّسْعَةِ الْأُوَلِ مِنْهُ لِحَدِيثِ «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ» (وَآكَدُهُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهُوَ) أَيْ: صَوْمُهُ (كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا فِي صَوْمِهِ «إنِّي لَأَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ الصَّغَائِرُ حَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرُ رُجِيَ التَّخْفِيفُ مِنْ الْكَبَائِرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُفِعَتْ الدَّرَجَاتُ (وَلَا يُسَنُّ) صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ (لِمَنْ بِهَا) أَيْ: بِعَرَفَةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُهُ وَيَمْنَعُهُ الدُّعَاءَ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الشَّرِيفِ (إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ وَقَارِنٍ عَدِمَا الْهَدْيَ) فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَا آخِرَ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَأْتِي.
(ثُمَّ) يَلِي يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْآكَدِيَّةِ يَوْمُ (التَّرْوِيَةِ) وَهُوَ ثَامِنُ ذِي الْحِجَّةِ لِحَدِيثِ «صَوْمُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ كَفَّارَةُ سَنَةٍ» الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي الثَّوَابِ وَابْنُ النَّجَّارِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا (وَكُرِهَ إفْرَادُ رَجَبٍ) بِصَوْمٍ.
قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ كَانَ يَصُومُ السَّنَةَ صَامَهُ وَإِلَّا فَلَا يَصُمْهُ مُتَوَالِيًا بَلْ يُفْطِرُ فِيهِ وَلَا يُشَبِّهُهُ بِرَمَضَانَ اهـ. لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ " رَأَيْتُ عُمَرَ يَضْرِبُ أَكُفَّ الْمُتَرَجِّبِينَ، حَتَّى يَضَعُوهَا فِي الطَّعَامِ وَيَقُولُ: كُلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَتْ تُعَظِّمُهُ الْجَاهِلِيَّةُ " وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى النَّاسَ وَمَا يَعُدُّونَهُ لِرَجَبٍ كَرِهَهُ وَقَالَ " صُومُوا مِنْهُ وَأَفْطِرُوا " وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ شَهْرٍ غَيْرِهِ.
(وَ) كُرِهَ إفْرَادُ يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِصَوْمٍ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) كُرِهَ إفْرَادُ يَوْمِ (السَّبْتِ بِصَوْمٍ) لِحَدِيثِ «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَإِنْ صَامَ مَعَهُ غَيْرَهُ لَمْ يُكْرَهْ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجُوَيْرِيَةَ قَالَ فِي الْكَافِي: فَإِنْ صَامَهُمَا أَيْ: الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ مَعًا لَمْ يُكْرَهْ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَ) كُرِهَ (صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَهُوَ الثَّلَاثُونَ مِنْ شَعْبَانَ، إذَا لَمْ يَكُنْ حِينَ التَّرَائِيِ عِلَّةٌ) مِنْ نَحْوِ غَيْمٍ أَوْ قَتَرٍ لِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْهُ (إلَّا أَنْ يُوَافِقَ) يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ السَّبْتِ أَوْ الشَّكِّ (عَادَةً، أَوْ يَصِلَهُ) أَيْ: يَوْمَ الشَّكِّ (بِصِيَامٍ قَبْلَهُ) وَيَتَقَدَّمُ عَنْ رَمَضَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَا يُكْرَهُ نَصًّا لِظَاهِرِ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute