فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ، لِمَنْعِ الْجُنُبِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَوْ بَابُهَا خَارِجَةً، وَلَوْ قَرِيبَةٌ وَخَرَجَ الْمُعْتَكِفُ إلَيْهِ لِلْأَذَانِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ مَشَى حَيْثُ يَمْشِي جُنُبٌ لِأَمْرٍ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ، كَخُرُوجِهِ إلَيْهَا لِغَيْرِهِ
(وَ) مِنْهُ (مَا زِيدَ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (حَتَّى فِي الثَّوَابِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَعِنْدَ جَمْعٍ) مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ رَجَبٍ وَحُكِيَ عَنْ السَّلَفِ (وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَيْضًا) فَزِيَادَتُهُ كَهُوَ فِي الْمُضَاعَفَةِ وَخَالَفَ فِيهِ جَمْعٌ، مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى هَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ تَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ غَيْرَ الزِّيَادَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ (وَالْأَفْضَلُ لِرَجُلٍ تَخَلَّلَ اعْتِكَافَهُ جُمُعَةٌ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي جَامِعٍ) أَيْ مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِلْخُرُوجِ إلَيْهَا مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، كَالْخُرُوجِ لِحَاجَتِهِ، وَالْخُرُوجُ إلَيْهَا مُعْتَادٌ فَكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى (وَيَتَعَيَّنُ) جَامِعٌ لِاعْتِكَافٍ (إنْ عَيَّنَ بِنَذْرٍ) فَلَا يُجْزِئُهُ فِي مَسْجِدٍ لَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، حَيْثُ عَيَّنَ الْجَامِعَ بِنَذْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْ اعْتِكَافَهُ جُمُعَةٌ لِأَنَّهُ تَرَكَ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا الْتَزَمَهُ بِنَذْرِهِ (وَلِمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ) كَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ (أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْجَامِعِ مِنْ الْمَسَاجِدِ (وَيَبْطُلُ) اعْتِكَافُهُ (بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ لَهُ مِنْهُ بُدًّا (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الْخُرُوجَ إلَى الْجُمُعَةِ، كَعِيَادَةِ مَرِيضٍ
(وَمَنْ عَيَّنَ) بِنَذْرِهِ لِاعْتِكَافِهِ أَوْ صَلَاتِهِ (مَسْجِدًا غَيْرَ) الْمَسَاجِدِ (الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى (لَمْ يَتَعَيَّنْ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَوْ تَعَيَّنَ غَيْرُهَا بِالتَّعْيِينِ لَزِمَ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَاحْتَاجَ إلَى شَدِّ الرَّحْلِ لِقَضَاءِ نَذْرِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُعَيِّنْ لِعِبَادَتِهِ مَكَانًا فِي غَيْرِ الْحَجِّ ثُمَّ إنْ أَرَادَ النَّاذِرُ الِاعْتِكَافَ فِيمَا عَيَّنَهُ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِلَّا بِأَنْ احْتَاجَ لِشَدِّ رَحْلٍ خُيِّرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ قُبَاءَ وَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى أَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الْمَسْجِدُ (الْحَرَامُ) وَهُوَ مَسْجِدُ مَكَّةَ (فَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ) عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (فَ) مَسْجِدُ (الْأَقْصَى) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute