السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ: اُخْرُجْ مَعَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا قَالَ: انْطَلَقَ فَحُجَّ مَعَهَا» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَجِّ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْهُ عَنْ حَجِّهَا وَلَوْ اخْتَلَفَ لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَفِي (أَيِّ مَوْضِعٍ اُعْتُبِرَ) الْمَحْرَمُ (فَلِمَنْ لِعَوْرَتِهَا حُكْمٌ، وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ) لِأَنَّهَا الَّتِي يُخَافُ أَنْ يَنَالَهَا الرِّجَالُ
(وَهُوَ) أَيْ الْمَحْرَمُ الْمُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ النُّسُكِ وَجَوَازِ السَّفَرِ (زَوْجٌ) وَسُمِّيَ مَحْرَمًا مَعَ حِلِّهَا لَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ صِيَانَتِهَا وَحِفْظِهَا بِهِ مَعَ إبَاحَةِ الْخَلْوَةِ بِهَا (أَوْ ذَكَرٌ) فَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَيْسَ مَحْرَمًا (مُسْلِمٌ) فَأَبٌ وَنَحْوُهُ كَافِرٌ، لَيْسَ مَحْرَمًا لِمُسْلِمَةٍ نَصًّا لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا كَالْحَضَانَةِ خُصُوصًا الْمَجُوسِيُّ يَعْتَقِدُ حِلَّهَا (مُكَلَّفٌ) فَلَا مَحْرَمِيَّةَ لِصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا) فَالْعَبْدُ لَيْسَ مَحْرَمًا لِسَيِّدَتِهِ نَصًّا لِأَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا وَكَذَا زَوْجُ أُخْتِهَا وَنَحْوه (لِحُرْمَتِهَا) فَلَيْسَ مُلَاعَنٌ مَحْرَمًا لِلْمُلَاعَنَةِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ أَبَدًا تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ (بِسَبَبٍ مُبَاحٍ) مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، بِخِلَافِ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَزِنًا لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ نِعْمَةٌ فَاعْتُبِرَ إبَاحَةُ سَبَبِهَا، كَسَائِرِ الرُّخَصِ (سِوَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي التَّحْرِيمِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ (أَوْ بِنَسَبٍ) كَابْنِهِ وَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ وَخَالَتِهِ
وَ (نَفَقَتُهُ) أَيْ الْمَحْرَمِ زَمَنَ سَفَرِهِ مَعَهَا لِأَدَاءِ نُسُكِهَا (عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهَا فَيُشْتَرَطُ لَهَا) أَيْ لِوُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهَا (مِلْكُ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ) بِآلَتِهِمَا (لَهُمَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا ; وَأَنْ تَكُونَ الرَّاحِلَةُ وَآلَتِهَا صَالِحِينَ لَهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ ذَلِكَ لَهُمَا لَمْ يَلْزَمْهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَحْرَمَ (مَعَ بَذْلِهَا ذَلِكَ) أَيْ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ لَهُ وَمَا يَحْتَاجُهُ (سَفَرُهُ مَعَهَا) لِلْمَشَقَّةِ، كَحَجِّهِ عَنْ نَحْو كَبِيرَةٍ عَاجِزَةٍ وَأَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا سَبَقَ الزَّوْجَ بِسَفَرِهِ مَعَهَا إمَّا بَعْدَ الْحَظْرِ، أَوْ أَمْرُ تَخْيِيرٍ لِعِلْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يُعْجِبُهُ السَّفَرُ مَعَهَا (وَتَكُونُ) إنْ امْتَنَعَ مَحْرَمُهَا مِنْ سَفَرٍ مَعَهَا (كَمَنْ لَا مَحْرَمَ لَهَا) فَلَا وُجُوبَ عَلَيْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهَا أُجْرَتُهُ.
وَفِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَجِبَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَقَطْ لَا النَّفَقَةُ، كَقَائِدِ الْأَعْمَى وَلَا دَلِيلَ يَخُصُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute