وَالْقَارِنُ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] وَهَذَا فِي التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ (وَهُمْ) أَيْ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ هُوَ مِنْهُ) دُونَ (مَسَافَةِ قَصْرٍ) لِأَنَّ حَاضِرِي الشَّيْءِ مَنْ حَلَّ فِيهِ أَوْ قَرُبَ مِنْهُ أَوْ جَاوَرَهُ بِدَلِيلِ رُخَصِ السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَلَا دَمَ (فَلَوْ اسْتَوْطَنَ أَفَقِيٌّ) لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ (مَكَّةَ فَحَاضِرٌ) لَا دَمَ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ
(وَمَنْ دَخَلَهَا) أَيْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا (وَلَوْ نَاوِيًا لِإِقَامَةٍ) بِهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ (أَوْ) كَانَ الدَّاخِلُ (مَكِّيًّا اسْتَوْطَنَ بَلَدًا بَعِيدًا) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ عَنْ الْحَرَمِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا (مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا لَزِمَهُ دَمٌ) وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا لِأَنَّهُ حَالَ أَدَاءِ نُسُكِهِ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا (وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ دَمِ مُتَمَتِّعٍ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْقَارِنِ زِيَادَةً عَمَّا تَقَدَّمَ سِتَّةُ شُرُوطٍ (أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] (وَأَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ)
فَلَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامٍ آخَرَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ لِلْآيَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ فَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَبَاعُدًا (وَأَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ (مَسَافَةَ قَصْرٍ فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ سَافَرَ بَيْنَهُمَا الْمَسَافَةَ (فَأَحْرَمَ) بِالْحَجِّ (فَلَا دَمَ) نَصًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " إذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، فَإِنْ خَرَجَ وَرَجَعَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ " وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ وَلِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ مَا دُونَهُ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ بَعِيدًا فَقَدْ أَنْشَأَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَجِّهِ فَلَمْ يَتَرَفَّهْ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ (فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَأَنْ يَحِلَّ مِنْهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ) أَيْ الْحَجِّ (وَإِلَّا) يَحِلُّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِأَنْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (صَارَ قَارِنًا) فَيَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ وَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ سَعْيِهِ لِمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ
(وَأَنْ يُحْرِمَ بِهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ مَكَّةَ) فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ دُونِهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَكِنْ إنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ فِي حَالٍ يَجِبُ فِيهَا (لَزِمَهُ) دَمٌ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ (وَأَنْ يَنْوِيَ التَّمَتُّعَ فِي ابْتِدَائِهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (أَوْ) فِي (أَثْنَائِهَا) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَحُصُولِ التَّرَفُّهِ وَرَدَّهُ الْمُوَفِّقُ
(وَلَا يُعْتَبَرُ) لِوُجُوبِ دَمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ (وُقُوعُهُمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (عَنْ) شَخْصٍ (وَاحِدٍ فَلَوْ اعْتَمَرَ عَنْ وَاحِدٍ وَحَجَّ عَنْ آخَرَ وَجَبَ الدَّمُ بِشَرْطِهِ) وَ (لَا) تُعْتَبَرُ (هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute