يَفْدِي لِإِزَالَتِهِمَا) لِأَنَّهُمَا بِالتَّبَعِيَّةِ لِغَيْرِهِمَا، وَالتَّابِعُ لَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ، كَقَطْعِ أَشْفَارِ عَيْنِ إنْسَانٍ يَضْمَنُهُمَا دُونَ أَهْدَابِهِمَا (إلَّا أَنْ يَحْصُلَ التَّأَذِّي بِغَيْرِهِمَا كَقَرْحٍ وَنَحْوِهِ) كَقَمْلٍ، وَشِدَّةِ صُدَاعٍ وَحَرٍّ، فَيَفْدِي لِإِزَالَتِهِمَا لِذَلِكَ، كَمَا لَوْ احْتَاجَ لِأَكْلِ صَيْدٍ فَأَكَلَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ (وَمَنْ طُيِّبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِإِذْنِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ
(أَوْ حُلِقَ رَأْسُهُ) مَثَلًا، أَوْ قُلِمَ ظُفْرُهُ (بِإِذْنِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ) أَيْ الْحَالِقَ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ حَلَقَ رَأْسَ نَفْسِهِ أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ) بِيَدِهِ (كُرْهًا فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُطَيَّبِ وَالْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ (الْفِدْيَةُ) دُونَ الْفَاعِلِ، وَلَوْ مُحْرِمًا، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ، مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ، وَلِأَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ مُفَرِّطٌ بِسُكُوتِهِ، وَعَدَمِ نَهْيِهِ أَشْبَهَ الْوَدِيعَ يُفَرِّطُ فِي الْوَدِيعَةِ، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْلِيمَ مُكْرَهًا إتْلَافٌ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُكْرَهُ وَغَيْرُهُ، بِخِلَافِ مَنْ طُيِّبَ مُكْرَهًا
(وَإِنْ حُلِقَ رَأْسُهُ مُكْرَهًا بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ) عَلَى حَالِقٍ، وَكَذَا لَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ، لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْهُ شَرْعًا كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأْسَ نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، كَإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ وَدِيعَةَ غَيْرِهِ وَكَذَا مَنْ طَيَّبَ غَيْرَهُ مُكْرَهًا أَوْ أَلْبَسَهُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (وَلَا فِدْيَةَ بِحَلْقِ مُحْرِمٍ) شَعْرَ حَلَالٍ (أَوْ تَطَيُّبِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (حَلَالًا) بِلَا مُبَاشَرَةِ طِيبٍ وَكَذَا لَوْ قَلَمَ ظُفْرَ حَلَالٍ أَوْ أَلْبَسَهُ مَخِيطًا لِإِبَاحَتِهِ لِلْحَلَالِ (وَيُبَاحُ) لِمُحْرِمٍ (غَسْلُ شَعْرِهِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) نَصًّا فِي حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد بِالْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ كَالْأُشْنَانِ وَلَهُ أَيْضًا حَكُّ بَدَنه وَرَأْسِهِ بِرِفْقٍ ; مَا لَمْ يَقْطَعْ شَعْرَهُ
(وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ لِمَا) أَيْ شَعْرٍ (عُلِمَ أَنَّهُ بَانَ بِمُشْطٍ أَوْ تَخْلِيلٍ) كَمَا لَوْ زَالَ بِغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَسَقَطَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ (فِي كُلِّ يَوْمٍ فَرْدٍ) أَيْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ظُفْرٍ وَاحِدٍ (أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ الْفَرْدِ الْوَاحِدِ (مِنْ دُونِ ثَلَاثٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ ظُفْرٍ) كَشَعْرَتَيْنِ، أَوْ ظُفْرَيْنِ، أَوْ بَعْضِهِمَا، أَوْ أَحَدِهِمَا وَبَعْضِ الْآخَرِ (إطْعَامُ مِسْكِينٍ) عَنْ كُلِّ شَعْرَةٍ أَوْ بَعْضِهَا، وَعَنْ كُلِّ ظُفْرٍ أَوْ بَعْضِهِ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِدْيَةً شَرْعًا وَيَأْتِي حُكْمُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ (وَتُسْتَحَبُّ) الْفِدْيَةُ (مَعَ شَكٍّ) هَلْ بَانَ الشَّعْرُ بِتَخْلِيلٍ أَوْ مَشْطٍ أَوْ كَانَ مَيِّتًا، وَكَذَا لَوْ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَشَكَّ هَلْ سَقَطَ شَيْءٌ احْتِيَاطًا
(الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ) أَيْ رَأْسِ الذَّكَرِ إجْمَاعًا لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute