مَسْحِهِ الْأَوَّلَ ; لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَى الثَّانِي. وَيَصِحُّ عَلَى خُفٍّ تَحْتَهُ لِفَافَةٌ (وَإِنْ نَزَعَ) الْخُفَّ (الْمَمْسُوحَ لَزِمَ نَزْعُ مَا تَحْتَهُ) وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ ; لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَسْحِ قَدْ زَالَ. وَنَزْعُ إحْدَى الْخُفَّيْنِ كَنَزْعِهِمَا. لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ مِنْ الْغُسْلِ، وَالرُّخْصَةُ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا، فَصَارَ كَانْكِشَافِ الْقَدَمِ.
وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْفَوْقَانِيِّ وَمَسَحَ التَّحْتَانِيّ جَازَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلٌّ لِلْمَسْحِ. كَغَسْلِ قَدَمَيْهِ فِي الْخُفِّ مَعَ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ. وَلَوْ لَبِسَ جُرْمُوقًا فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ وَحْدَهَا. جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَعَلَى خُفِّ الْأُخْرَى.
وَفِي الرِّعَايَةِ: لَوْ لَبِسَ عِمَامَتَهُ فَوْقَ عِمَامَةٍ لِحَاجَةٍ، كَبَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ، وَقَبْلَ مَسْحِ السُّفْلَى، مَسَحَ الْعُلْيَا الَّتِي بِصِفَةِ السُّفْلَى، وَإِلَّا فَلَا. كَمَا لَوْ تَرَكَ فَوْقَهَا مِنْدِيلًا أَوْ نَحْوَهُ.
(وَشَرَطَ فِي) مَسْحِ (عِمَامَةٍ) ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ. أَحَدُهَا: (كَوْنُهَا (مُحَنَّكَةً)) أَيْ مُدَارًا مِنْهَا تَحْتَ الْحَنَكِ كَوْرٌ، بِفَتْحِ الْكَافِ، أَوْ كَوَرَانٌ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا ذُؤَابَةٌ أَوْ لَا، لِأَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ الْعَرَبِ، وَهِيَ أَكْثَرُ سَتْرًا، وَيَشُقُّ نَزْعُهَا.
قَالَ الْقَاضِي: سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (أَوْ) كَوْنُهَا (ذَاتَ ذُؤَابَةٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَهِيَ طَرَفُ الْعِمَامَةِ الْمُرْخَى، مَجَازًا، وَأَصْلُهَا النَّاصِيَةُ، أَوْ مَنْبَتُهَا مِنْ الرَّأْسِ، وَهُوَ شَعْرٌ فِي أَعْلَى نَاصِيَةِ الْفَرَسِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَنَّكَةً وَلَا ذَاتَ ذُؤَابَةٍ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِي نَزْعِهَا كَالْكَلْوَتَةِ، وَلِأَنَّهَا تُشْبِهُ عَمَائِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَحْكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْكَرَاهَةُ، وَالْأَقْرَبُ: أَنَّهَا كَرَاهَةٌ لَا تَرْتَقِي إلَى التَّحْرِيمِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ كَسَفَرِ النُّزْهَةِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ (وَ) الثَّانِي كَوْنُهَا (عَلَى ذَكَرٍ) فَلَا تَمْسَحُ امْرَأَةٌ وَلَا خُنْثَى عِمَامَةً، وَلَوْ لِحَاجَةِ بَرْدٍ.
(وَ) الثَّالِثُ (سَتْرُ) الْعِمَامَةِ مِنْ الرَّأْسِ (غَيْرَ مَا الْعَادَةُ كَشْفُهُ) كَمُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ وَجَوَانِبِ الرَّأْسِ فَيُعْفَى عَنْهُ، بِخِلَافِ خَرْقِ الْخُفِّ لِأَنَّ هَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.
(وَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ) أَيْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْعِمَامَةِ، لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ الرَّأْسِ. فَانْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَيْهَا، وَتَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِهَا لَكِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: نَصَّ عَلَيْهِ. «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ» فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ (وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِهَا) أَيْ أَكْثَرِ الْعِمَامَةِ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْمَمْسُوحَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ، فَأَجْزَأَ مَسْحُ بَعْضِهِ كَالْخُفِّ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ الْعِمَامَةِ قَلَنْسُوَةٌ يَظْهَرُ بَعْضُهَا، فَالظَّاهِرُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّهُمَا صَارَا كَالْعِمَامَةِ