مَا شَذَّ أَوْ جَمْعُ نَاقِضٍ إنْ خُصَّ الْمَنْعُ بِوَصْفِ الْعَاقِلِ، عَلَى مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ (وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ، جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ لِلتَّفْسِيرِ ; لِأَنَّ النَّقْضَ حَقِيقَةٌ فِي الْبِنَاءِ: وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعَانِي كَنَقْضِ الْوُضُوءِ، وَالْعِلَّةُ: مَجَازٌ (ثَمَانِيَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ أَحَدُهَا (الْخَارِجُ وَلَوْ) كَانَ (نَادِرًا) كَالرِّيحِ مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّودِ وَالْحَصَى مِنْ الدُّبُرِ، فَيَنْقُضُ كَالْمُعْتَادِ، وَهُوَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالرِّيحُ مِنْ الدُّبُرِ، لِحَدِيثِ «فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. فَأَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَدَمُهَا غَيْرُ مُعْتَادٍ. وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ. أَشْبَهَ الْمُعْتَادَ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ حَدَثٍ أَوْ رِيحٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَشْمَلُ الرِّيحَ مِنْ الْقُبُلِ وَالْحَصَاةِ تَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ نَجِسَةٌ (أَوْ) كَانَ الْخَارِجُ (طَاهِرًا) كَوَلَدٍ بِلَا دَمٍ، فَيَنْقُضُ.
(أَوْ) كَانَ (مُقَطَّرًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ مُشَدَّدَةً، بِأَنْ قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا. ثُمَّ خَرَجَ فَيَنْقُضُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَّةٍ نَجِسَةٍ تَصْحَبُهُ، فَيَتَنَجَّسُ لِنَجَاسَةِ مَا لَاقَاهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْح وَلَوْ قَطَّرَهُ فِي غَيْرِ السَّبِيلِ، وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ. كَمَا لَوْ قَطَّرَهُ فِي أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يُنْقَضْ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ فَمِهِ (أَوْ) كَانَ (مُحْتَشًى) بِأَنْ احْتَشَى قُطْنًا أَوْ نَحْوَهُ فِي دُبُرِهِ أَوْ قُبُلِهِ (وَابْتَلَّ) ثُمَّ خَرَجَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، سَوَاءٌ كَانَ طَرَفُهُ خَارِجًا أَوْ لَا.
وَمَفْهُومُهُ: إنْ لَمْ يَبْتَلَّ لَا يُنْقَضْ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَثَانَةِ وَالْجَوْفِ مَنْفَذٌ. وَلَمْ تَصْحَبْهُ نَجَاسَةٌ. فَلَمْ يُنْقَضْ انْتَهَى. وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ الْمُحْتَشَى فِي دُبُرِهِ يَنْقُضُ إذَا خَرَجَ مُطْلَقًا.
وَفِي الْإِقْنَاعِ: يَنْقُضُ الْمُحْتَشَى إذَا خَرَجَ وَلَوْ لَمْ يَبْتَلَّ (أَوْ) كَانَ (مَنِيًّا دَبَّ) إلَى فَرْجٍ ثُمَّ خَرَجَ (أَوْ) مَنِيًّا (اسْتُدْخِلَ) بِنَحْوِ قِطْعَةٍ فِي فَرْجٍ، ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ. لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ، لَا يَخْلُو عَنْ بَلَّةٍ تَصْحَبُهُ مِنْ الْفَرْجِ.
وَالْحُقْنَةُ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ أَدْخَلَ بَعْضَ الزَّرَّاقَةِ نَقَضَتْ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْقُبُلِ أَوْ فِي الدُّبُرِ. وَ (لَا) يَنْقُضُ الْخَارِجُ إنْ كَانَ (دَائِمًا) كَدَمِ مُسْتَحَاضَةٍ وَسَلَسِ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ، لِلضَّرُورَةِ (مِنْ سَبِيلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ. وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. فَيَنْقُضُ مَا خَرَجَ مِنْهُ (إلَى مَا) أَيْ مَحَلٍّ (يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ) لِأَنَّ مَا وَصَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute