النَّذْرِ الْمُطْلَقِ (كَانَتْ) الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ (كُلُّهَا وَاجِبَةً) لِتَعَيُّنِهَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ. يَذْبَحُهَا عَنْهُ.
(وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ إنْ أَطْلَقَ) الْبَدَنَةَ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ (وَإِلَّا) يُطْلِقْ الْبَدَنَةَ بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنَةً (لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ) كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ (بِلَفْظِهِ وَ) إنْ نَذَرَ (مُعَيَّنًا أَجْزَأَهُ) مَا عَيَّنَهُ (وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَعِيبًا أَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ النَّاذِرِ (إيصَالُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُنْقَلُ (أَوْ) إيصَالُ (ثَمَنِ غَيْرِ مَنْقُولٍ كَعَقَارٍ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] وَلِأَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تُهْدِي دَارًا. قَالَ: " تَبِيعُهَا وَتَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ " (وَكَذَا إنْ نَذَرَ سَوْقَ أُضْحِيَّةٍ إلَى مَكَّةَ. أَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بِهَا) فَيَلْزَمُهُ لِلْخَبَرِ
(وَإِنْ عَيَّنَ) بِنَذْرِهِ (شَيْئًا لِ) مَوْضِعٍ (غَيْرِ الْحَرَمِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ) أَيْ النَّذْرِ لِذَلِكَ الْمَكَانِ (تَعَيَّنَ ذَبْحًا وَتَفْرِيقًا لِفُقَرَائِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِالْأَبْوَاءِ قَالَ: أَبِهَا صَنَمٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِك» وَلِأَنَّهُ قَصَدَ نَفْعَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَكَانَ عَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَيْهِمْ. فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْصِيَةٌ كَصَنَمٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أُمُورِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، كَبُيُوتِ نَارٍ وَكَنَائِسَ لَمْ يُوفِ بِهِ
(وَسُنَّ أَكْلُهُ وَتَفْرِقَتُهُ) أَيْ الْمُهْدَى (مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٣٦] وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ: الِاسْتِحْبَابُ. وَقَالَ جَابِرٌ: «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثٍ. فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا، فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَكْلُ الْيَسِيرِ. لِحَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلْنَا مِنْهَا وَحُسَيْنًا مِنْ مَرَقِهَا» وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ، فَاسْتُحِبَّ الْأَكْلُ مِنْهُ (كَأُضْحِيَّةٍ) وَتُجْزِئُهُ الصَّدَقَةُ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ (وَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ، وَلَوْ) كَانَ إيجَابُهُ (بِنَذْرٍ أَوْ تَعْيِينِ غَيْرِ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ) نَصًّا لِأَنَّ سَبَبَهُمَا غَيْرُ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَهَا هَدْيُ التَّطَوُّعِ. وَلِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعْنَ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَادِعِ وَأَدْخَلَتْ عَائِشَةُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ. فَصَارَتْ قَارِنَةً. ثُمَّ ذَبَحَ عَنْهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَقَرَ فَأَكَلْنَ مِنْ لُحُومِهَا. احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute