للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْفُسَهُمْ فِيهَا، فَدَعُوهُمْ حَتَّى يُمِيتَهُمْ اللَّهُ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ " وَعُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦] وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ» مَخْصُوصٌ بِمَا تَقَدَّمَ، وَالزَّمِنُ وَالْأَعْمَى لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، فَهُمَا كَالْمَرْأَةِ. فَإِنْ كَانَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ رَأْيٌ فِي الْقِتَالِ جَازَ قَتْلُهُ، لِأَنَّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٌ وَهُوَ شَيْخٌ فَانٍ، وَكَانُوا قَدْ خَرَجُوا بِهِ مَعَهُمْ لِيَسْتَعِينُوا بِرَأْيِهِ، فَلَمْ يُنْكِرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَهُ، وَلِأَنَّ الرَّأْيَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَعُونَةِ فِي الْحَرْبِ، وَرُبَّمَا كَانَ أَبْلَغَ مِنْ الْقِتَالِ، وَكَذَا إنْ قَاتَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ حَرَّضَ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ هَذِهِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، نَازَعَتْنِي قَائِمَ سَيْفِي فَسَكَتَ»

(وَإِنْ تُتُرِّسَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ تَتَرَّسَ الْمُقَاتِلُونَ (بِهِمْ) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ (رُمُوا) أَيْ جَازَ رَمْيُهُمْ (بِقَصْدِ الْمُقَاتَلَةِ) لِئَلَّا يُفْضِيَ تَرْكُهُ إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْحَرْبُ مُلْتَحِمَةً أَوْ لَا. كَالتَّبْيِيتِ وَالرَّمْيِ بِالْمَنْجَنِيقِ (وَ) إنْ تَتَرَّسُوا (بِمُسْلِمٍ) لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ، لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى قَتْلِهِ مَعَ إمْكَان الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِ (إلَّا إنْ خِيفَ عَلَيْنَا) بِتَرْكِ رَمْيِهِمْ، فَيُرْمَوْنَ نَصًّا لِلضَّرُورَةِ (وَيُقْصَدُ الْكَافِرُ بِالرَّمْيِ دُونَ الْمُسْلِمِ) . فَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمْ إلَّا بِالرَّمْيِ، وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْنَا. لَمْ يَجُزْ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} [الفتح: ٢٥] الْآيَةَ وَيُقْتَلُ مَرِيضٌ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا كَعَبْدٍ وَفَلَّاحٍ.

وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لَا يُقْتَلَانِ (وَيَجِبُ إتْلَافُ كُتُبِهِمْ الْمُبَدَّلَةِ) دَفْعًا لِضَرَرِهَا وَقِيَاسُهُ كُتُبُ نَحْوِ رَفْضٍ وَاعْتِزَالٍ

(وَكُرِهَ لَنَا نَقْلُ رَأْسِ) كَافِرٍ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ بِلَا مَصْلَحَةٍ. لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ " أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِرَأْسِ بَنَّانٍ الْبِطْرِيقِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِنَا قَالَ: فَأَذِّنْ بِفَارِسَ وَالرُّومِ: لَا يُحْمَلُ إلَيَّ رَأْسٌ. فَإِنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ ".

(وَ) كُرِهَ (رَمْيُهُ) أَيْ الرَّأْسِ (بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ) لِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ. قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبُوهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ كَزِيَادَةٍ فِي الْجِهَادِ، أَوْ نَكَالٍ لَهُمْ، أَوْ زَجْرٍ عَنْ الْعُدْوَانِ جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَحَرُمَ أَخْذُ مَالٍ مِنْهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (لِنَدْفَعَهُ) أَيْ الرَّأْسَ (إلَيْهِمْ) لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَبَيْعِ الْكَلْبِ

(وَمَنْ أَسَرَ مِنْهُمْ أَسِيرًا وَقَدَرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ) أَيْ الْأَسِيرِ (الْإِمَامَ وَلَوْ) بِإِكْرَاهِهِ عَلَى الْمَجِيءِ لِلْإِمَامِ (بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَسَحْبِهِ (وَلَيْسَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>