(وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (رَامٍ بَيْنَنَا) أَيْ الْمُسْلِمِينَ (بِفِتَنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلَّا خَبَالًا} [التوبة: ٤٧] الْآيَةَ (وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (صَبِيٍّ) وَلَوْ مُمَيِّزًا أَوْ مَجْنُونًا ; لِأَنَّ فِي دُخُولِهِمَا أَرْضَ الْعَدُوِّ تَعَرُّضًا لِلْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ (وَ) عَلَيْهِ مَنْعُ (نِسَاءٍ) لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ وَلَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهِنَّ، فَيَسْتَحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْهُنَّ (إلَّا عَجُوزًا لِسَقْيِ) مَاءٍ (وَنَحْوِهِ) كَمُعَالَجَةِ جَرْحَى. لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مَعَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ، يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُعَالِجْنَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ جَمْعٌ: وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا لِفِعْلِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَتَحْرُمُ اسْتِعَانَةٌ بِكَافِرٍ فِي غَزْوٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ «فَارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» .
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ فَأَسْهَمَ لَهُمْ» رَوَاهُ سَعِيدٌ. فَحُمِلَ الثَّانِي وَنَحْوُهُ عَلَى الضَّرُورَةِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ. وَحَيْثُ جَازَ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الرَّأْيِ فِي الْمُسْلِمِينَ مَأْمُونًا (وَ) يَحْرُمُ اسْتِعَانَةٌ (بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي شَيْء مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْ غَزْوٍ وَعِمَالَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِعِظَمِ الضَّرَرِ، لِأَنَّهُمْ دُعَاةٌ يَدْعُونَ إلَى عَقَائِدِهِمْ. وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ نَصًّا. وَتُكْرَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِذِمِّيٍّ فِي ذَلِكَ، وَتَحْرُمُ تَوْلِيَتُهُمْ الْوِلَايَاتِ.
(وَ) تَحْرُمُ (إعَانَتُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ عَلَى عَدُوِّهِمْ (إلَّا خَوْفًا) مِنْ شَرِّهِمْ. وَيُسَنُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ» (وَيَسِيرُ بِالْجَيْشِ بِرِفْقٍ) كَسَيْرِ أَضْعَفِهِمْ لِحَدِيثِ «أَمِيرُ الْقَوْمِ أَقْطَعُهُمْ» أَيْ أَقَلُّهُمْ سَيْرًا لِئَلَّا يَنْقَطِعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ (إلَّا لِأَمْرٍ يَحْدُثُ) فَيَجُوزُ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «جَدَّ بِهِمْ فِي السَّيْرِ حِينَ بَلَغَهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» لِتَشْتَغِلَ النَّاسُ عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ (وَيُعِدُّ لَهُمْ) أَيْ لِلْجَيْشِ (الزَّادَ) لِأَنَّهُ بِهِ قِوَامُهُمْ (وَيُحَدِّثُهُمْ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ) فَيَقُولُ: أَنْتُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَشَدُّ أَبْدَانًا، وَأَقْوَى قُلُوبًا وَنَحْوُهُ ; لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لِلنُّفُوسِ عَلَى الْمُصَابَرَةِ، وَأَبْعَثُ لَهَا عَلَى الْقِتَالِ (وَيُعَرِّفُ عَلَيْهِمْ الْعُرَفَاءَ) فَيَجْعَلُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ مَنْ يَكُونُ كَمُقَدَّمٍ عَلَيْهِمْ، يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ وَيَتَفَقَّدُهُمْ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَرَّفَ عَامَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ عَرِيفًا» وَوَرَدَ " الْعِرَافَةُ حَقٌّ " لِأَنَّ فِيهَا مَصْلَحَةٌ.
(وَيَعْقِدُ لَهُمْ الْأَلْوِيَةَ. وَهِيَ الْعِصَابَةُ تُعْقَدُ عَلَى قَنَاةٍ وَنَحْوِهَا) قَالَ فِي الْمَطَالِعِ: اللِّوَاءُ رَايَةٌ لَا يَحْمِلُهَا إلَّا صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute