للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا لَمْ يُقَسَّمْ مِنْهُ شَيْءٌ.

فَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ " أَنَّ عُمَرَ قَدِمَ الْجَابِيَةَ فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضِينَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: وَاَللَّهِ إذَنْ لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ، إنَّك إنْ قَسَمْتَهَا الْيَوْمَ صَارَ الرِّيعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ ثُمَّ يَبِيدُونَ فَيَصِيرُ ذَلِكَ إلَى الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنْ الْإِسْلَامِ مَسَدًّا وَهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ، فَصَارَ عُمَرُ إلَى قَوْلِ مُعَاذٍ " (الثَّانِيَةُ: مَا جَلَوْا) أَيْ أَهْلُهَا (عَنْهَا خَوْفًا مِنَّا وَحُكْمُهَا كَالْأُولَى) فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ وَعَنْهُ تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ

(الثَّالِثَةُ: الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا، وَهِيَ نَوْعَانِ فَمَا صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْأَرْضَ (لَنَا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ فَهِيَ كَالْعَنْوَةِ فِي التَّخْيِيرِ) وَلَا يَسْقُطُ خَرَاجُهَا بِإِسْلَامِهِمْ. وَعَنْهُ تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ.

(وَ) الثَّانِي مَا صُولِحُوا (عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْأَرْضَ (لَهُمْ وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا فَهُوَ) أَيْ مَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِهَا (كَجِزْيَةٍ، إنْ أَسْلَمُوا) سَقَطَ عَنْهُمْ (أَوْ انْتَقَلَتْ) الْأَرْضُ (إلَى مُسْلِمٍ سَقَطَ) عَنْهُمْ كَسُقُوطِ جِزْيَةٍ بِإِسْلَامٍ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى ذِمِّيٍّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الصُّلْحِ لَمْ يَسْقُطْ خَرَاجُهَا، وَتُسَمَّى هَذِهِ دَارَ عَهْدٍ، وَهِيَ مِلْكٌ لَهُمْ لَا يُمْنَعُونَ فِيهَا إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ وَلَا بِيعَةٍ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي (وَيُقَرُّونَ فِيهَا بِلَا جِزْيَةٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَارَ إسْلَامٍ (بِخِلَافِ مَا قَبْلُ) مِنْ الْأَرْضِينَ فَلَا يُقَرُّونَ بِهَا سَنَةً بِلَا جِزْيَةٍ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ

(وَ) يَجِبُ (عَلَى إمَامٍ فِعْلُ الْأَصْلَحِ) لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي تَصِيرُ إلَيْهِمْ مِنْ وَقْفٍ أَوْ قِسْمَةٍ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ (وَيُرْجَعُ فِي) قَدْرِ (خَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ إلَى تَقْدِيرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ عَلَى حَسَبِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَتُطِيقُهُ الْأَرْضُ. لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ فَلَمْ يَتَقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ لَا يَخْتَلِفُ كَأُجْرَةِ الْمَسَاكِنِ (وَوَضَعَ عُمَرُ) بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا) قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: أَعْلَى وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِي أَرْضِ السَّوَادِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ يَعْنِي " أَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا " قَالَ فِي شَرْحِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ ضَرَبَ عَلَى الطَّعَامِ دِرْهَمًا وَقَفِيزَ حِنْطَةٍ وَعَلَى الشَّعِيرِ دِرْهَمًا وَقَفِيزَ شَعِيرٍ " وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الْحُبُوبِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ عَلَى جَرِيبِ الزَّرْعِ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا مِنْ طَعَامِهِ. وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ، " وَعَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةً وَعَلَى جَرِيبِ الرَّطْبَةِ سِتَّةٌ (وَهُوَ) أَيْ الْقَفِيزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>