للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرُ " إنَّ فِي الْإِسْلَامِ مَعَاذًا وَكَتَبَ أَنْ لَا تُؤْخَذَ مِنْهُ " رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِمَعْنَاهُ

و (لَا) تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ (إنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَوْ جُنَّ وَنَحْوُهُ) كَمَا لَوْ عَمِيَ بَعْدَ الْحَوْلِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَسُقُوطِ الْحَدِّ بِالْمَوْتِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (فَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَمَالِ حَيٍّ) جُنَّ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ (وَ) إنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَنَحْوُهُ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْحَوْلِ (تَسْقُطُ) الْجِزْيَةُ. لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ وَلَا تُؤْخَذُ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا

(وَتُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ (عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ سَنَةٍ) هِلَالِيَّةٍ كَالزَّكَاةِ لِتَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ وَإِذَا انْقَضَتْ سُنُونَ) وَلَمْ تُؤْخَذُ (اُسْتُوْفِيَتْ كُلُّهَا) فَلَا تَتَدَاخَلُ، لِأَنَّهَا حَقٌّ يَجِبُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ. أَشْبَهَ الزَّكَاةَ وَالدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَيُمْتَهَنُونَ) أَيْ أَهْلُ الذِّمَّةِ وُجُوبًا (عِنْدَ أَخْذِهَا) أَيْ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ (وَيُطَالُ قِيَامُهُمْ وَتُجَرُّ أَيْدِيَهُمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] (وَلَا يُقْبَلُ) مِمَّنْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ (إرْسَالُهَا) لِفَوَاتِ الصَّغَارِ (وَلَا يَتَدَاخَلُ الصَّغَارُ) فَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ كُلِّ جِزْيَةٍ حَتَّى تُسْتَوْفَى كُلَّهَا (وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهَا) أَيْ الْجِزْيَةِ (وَلَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ) لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ مِنْ نَقْضِ أَمَانِهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعِوَضِ وَلَا يُعَذَّبُونَ فِي أَخْذِهَا وَلَا يُشْطَطُ عَلَيْهِمْ.

رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ " أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَحْسَبُهُ الْجِزْيَةَ فَقَالَ إنِّي لَأَظُنُّكُمْ قَدْ أَهْلَكْتُمْ النَّاسَ قَالُوا لَا وَاَللَّهِ مَا أَخَذْنَا إلَّا عَفْوًا صَفْوًا قَالَ بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى يَدَيَّ وَلَا فِي سُلْطَانِي "

(وَيَصِحُّ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ) أَيْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِدَارِنَا (ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَ) عَلْفَ (دَوَابِّهِمْ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ " أَنَّ عُمَرَ شَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَنْ يُصْلِحُوا الْقَنَاطِرَ " وَإِنْ قُتِلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَرْضِهِمْ فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ وَلِأَنَّهُمْ رُبَّمَا امْتَنَعُوا مِنْ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِينَ إضْرَارًا بِهِمْ.

(وَ) يَصِحُّ (أَنْ يَكْتَفِيَ بِهَا) أَيْ الضِّيَافَةِ (عَنْ الْجِزْيَةِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا وَلِفِعْلِ عُمَرَ.

(وَيُعْتَبَرُ بَيَانُ قَدْرِهَا) أَيْ الضِّيَافَةِ (وَ) قَدْرِ (أَيَّامِهَا وَعَدَدِ مَنْ يُضَافُ) مِنْ رِجَالٍ وَفُرْسَانٍ فَيَقُولُ: " تُضَيِّفُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ يَوْمٍ مَثَلًا فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةٌ مِنْ خُبْزِ كَذَا وَأُدْمِ كَذَا. وَلِلْفَرَسِ شَعِيرُ كَذَا وَتِبْنُ كَذَا " لِأَنَّهُ مِنْ الْجِزْيَةِ فَاعْتُبِرَ الْعِلْمُ بِهِ كَالنُّقُودِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا بَيَانُ مَا يُنْزِلُهُمْ فِيهِ وَمَا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ. وَلِلْمُسْلِمِينَ النُّزُولُ فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا مَكَانًا نَزَلُوا فِي الْأَفْنِيَةِ وَفُضُولِ الْمَنَازِلِ. وَلَيْسَ لَهُمْ تَحْوِيلُ صَاحِبِ مَنْزِلٍ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>