لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهُ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِيَهُودِيَّيْنِ قَدْ فَجَرَا بَعْدَ إحْصَانِهِمَا فَرَجَمَهُمَا» ، وَقِيسَ الْبَاقِي ; وَلِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا حُكْمَ الْإِسْلَامِ، وَهَذِهِ أَحْكَامُهُ. وَ (لَا) يُحَدُّونَ (فِيمَا يُحِلُّونَهُ) أَيْ يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ (كَخَمْرٍ) وَأَكْلِ خِنْزِيرٍ وَنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ، لِأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَهُوَ أَعْظَمُ جُرْمًا وَإِثْمًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِهِ كَمَا يَأْتِي لِتَأَذِّينَا بِهِ
(وَيَلْزَمُهُمْ) أَيْ أَهْلَ الذِّمَّةِ (التَّمْيِيزُ عَنَّا بِقُبُورِهِمْ) تَمْيِيزًا ظَاهِرًا كَالْحَيَاةِ وَأَوْلَى، بِأَنْ لَا يَدْفِنُوا أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَقَابِرِنَا (وَ) يَلْزَمُهُمْ التَّمْيِيزُ عَنَّا (بِحِلَاهُمْ بِحَذْفِ مُقَدَّمِ رُءُوسِهِمْ) أَيْ بِأَنْ يَجِزُّوا نَوَاصِيهِمْ، وَ (لَا) يَجْعَلُونَهُ (كَعَادَةِ الْأَشْرَافِ) بِأَنْ يَتَّخِذُوا شَوَابِينَ (وَأَنْ لَا يَفْرِقُوا شُعُورَهُمْ) بَلْ تَكُونُ جُمَّةً لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلِأَنَّ أَهْلَ الْجِزْيَةِ اشْتَرَطُوا ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِيمَا كَتَبُوهُ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَكَتَبَ بِهِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ " أَنْ أَمْضِ لَهُمْ مَا سَأَلُوهُ " رَوَاهُ الْخَلَّالُ (وَ) يَلْزَمُهُمْ التَّمْيِيزُ عَنَّا (بِكُنَاهُمْ وَبِأَلْقَابِهِمْ فَيُمْنَعُونَ) مِنْ التَّكَنِّي بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ (نَحْوُ أَبِي الْقَاسِمِ) وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (وَ) مِنْ التَّلَقُّبِ بِأَلْقَابِنَا نَحْوُ (عِزِّ الدِّينِ) وَشَمْسِ الدِّينِ. وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْكُنَى بِالْكُلِّيَّةِ. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِأَسْقُفَ نَجْرَانَ أَسْلِمْ يَا أَبَا الْحَارِثِ» وَقَالَ عُمَرُ لِنَصْرَانِيٍّ " يَا أَبَا حَسَّانَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ " (وَ) يَلْزَمُهُمْ التَّمْيِيزُ عَنَّا إذَا رَكِبُوا (بِرُكُوبِهِمْ عَرْضًا) رِجْلَاهُ إلَى جَانِبٍ وَظَهْرُهُ إلَى جَانِبٍ (بِإِكَافٍ) أَيْ بَرْذَعَةِ (عَلَى غَيْرِ خَيْلٍ) لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ أَنَّ عُمَرَ " أَمَرَ بِجَزِّ نَوَاصِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَنْ يَشِدُّوا الْمَنَاطِقَ وَأَنْ يَرْكَبُوا الْأُكُفَ بِالْعَرْضِ ".
(وَ) يَلْزَمُهُمْ التَّمْيِيزُ عَنَّا (بِلِبَاسِ ثَوْبٍ عَسَلِيٍّ لِيَهُودٍ. وَ) لِبَاسِ ثَوْبٍ (أَدْكَنَ وَهُوَ الْفَاخِتِيِّ) لَوْنٌ يَضْرِبُ إلَى السَّوَادِ (لِنَصَارَى) وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا جَمِيعِ الثِّيَابِ (وَشَدِّ خِرَقٍ بِقَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ. وَشَدِّ زُنَّارٍ فَوْقَ ثِيَابِ نَصْرَانِيٍّ وَتَحْتَ ثِيَابِ نَصْرَانِيَّةٍ) قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَيَكْفِي الْغِيَارُ أَوْ الزُّنَّارُ (وَيُغَايِرُ نِسَاءُ كُلٍّ) مِنْ يَهُودَ وَنَصَارَى (بَيْنَ لَوْنَيْ خُفٍّ) لِيَمْتَازُوا بِهِ عَنَّا. وَلَا يُمْنَعُونَ فَاخِرَ الثِّيَابِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَالطَّيْلَسَانَ ; لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِالْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ.
(وَ) يَلْزَمُهُمْ (لِدُخُولِ حَمَّامِنَا جَلْجَلٌ أَوْ خَاتَمُ رَصَاصٍ وَنَحْوِهِ) كَحَدِيدٍ أَوْ طَوْقٍ مِنْ ذَلِكَ لَا مِنْ ذَهَبٍ وَنَحْوِهِ (بِرِقَابِهِمْ) لِيَتَمَيَّزُوا عَنَّا فِي الْحَمَّامِ. وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ صَلِيبٍ مَكَانَهُ لِمَنْعِهِمْ مِنْ إظْهَارِهِ
(وَيَحْرُمُ قِيَامٌ لَهُمْ) أَيْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute