لِأَنَّ الطَّبْعَ يَأْبَى إجَابَتَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِبَائِعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةٍ: عِنْدِي فِيهِ تِسْعَةٌ (وَيَصِحُّ الْعَقْدُ) أَيْ الْبَيْعُ (عَلَى السَّوْمِ) ; لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ السَّوْمُ لَا الْبَيْعُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ وَالشِّرَاءِ عَلَى شِرَائِهِ، فَلَا يَصِحَّانِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (وَكَذَا) أَيْ الْبَيْعِ (إجَارَةٌ) وَسَائِرُ الْعُقُودِ، وَطَلَبُ الْوِلَايَاتِ وَنَحْوِهَا، فَيَحْرُمُ أَنْ يُؤَجِّرَ أَوْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى مُسْلِمٍ زَمَنَ الْخِيَارِ أَوْ يَسُومَ لِلْإِجَارَةِ عَلَى سَوْمِهِ فِيهَا بَعْدَ الرِّضَا صَرِيحًا لِلْإِيذَاءِ
(وَإِنْ حَضَرَ) أَيْ قَدِمَ بَلَدًا (بَادٍ) أَيْ إنْسَانٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا) أَيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَجَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ بَادٍ سِعْرَ سِلْعَتِهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ (وَقَصَدَهُ) أَيْ الْبَادِي (حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ (عَارِفٌ بِهِ) أَيْ السِّعْرِ (وَبِالنَّاسِ إلَيْهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (حَاجَةٌ) (حَرُمَتْ مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ الْحَاضِرِ (الْبَيْعَ لَهُ) أَيْ لِلْبَادِي، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا " «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقْ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» " وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ " «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ مَتَى تَرَكَ الْبَادِيَ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ اشْتَرَاهَا النَّاس بِرُخْصٍ وَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا تَوَلَّى الْحَاضِرُ بَيْعَهَا اُمْتُنِعَ مِنْهُ إلَّا بِسِعْرِ الْبَلَدِ فَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ.
(وَبَطَلَ) بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي. لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (رَضُوا) أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ بِذَلِكَ (أَوْ لَا) لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَإِذَا فُقِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ) بِأَنْ كَانَ الْقَادِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ بَعَثَ بِهَا لِلْحَاضِرِ، أَوْ قَدِمَ الْبَادِي لَا لِبَيْعِ السِّلْعَةِ، أَوْ لِبَيْعِهَا لَا بِسِعْرِ الْوَقْتِ أَوْ لِبَيْعِهَا بِهِ وَلَكِنْ لَا يَجْهَلُهُ أَوْ جَهِلَهُ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْحَاضِرُ الْعَارِفُ، أَوْ قَصَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِالنَّاسِ إلَيْهَا حَاجَةٌ (صَحَّ) الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ لَهُ (كَشِرَائِهِ) أَيْ الْحَاضِرِ (لَهُ) أَيْ الْبَادِي فَيَصِحُّ ; لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِلَفْظِهِ وَلَا مَعْنَاهُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشِّرَاءِ لَهُ تَوْسِعَةٌ عَلَى النَّاسِ وَلَا تَضْيِيقٌ (وَيُخْبِرُ) وُجُوبًا عَارِفٌ بِسِعْرٍ (مُسْتَخْبِرًا) جَاهِلًا (عَنْ سِعْرٍ جَهِلَهُ) لِوُجُوبِ النُّصْحِ، وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُشِيرَ حَاضِرٌ عَلَى بَادٍ بِلَا مُبَاشَرَةِ بَيْعٍ لَهُ
(وَمَنْ خَافَ ضَيْعَةَ مَالِهِ) بِنَهْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ (أَوْ) خَافَ (أَخْذَهُ) مِنْهُ (ظُلْمًا) فَبَاعَهُ (صَحَّ بَيْعُهُ لَهُ) لِعَدَمِ الْإِكْرَاهِ (وَمَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ) كَغَصْبِهِ (أَوْ جَحْدِهِ) أَيْ حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى بَيْعِهِ إيَّاهُ (أَوْ مَنَعَهُ) أَيْ الْغَيْرُ حَقَّهُ (حَتَّى يَبِيعَهُ إيَّاهُ فَفَعَلَ) أَيْ بَاعَهُ إيَّاهُ لِذَلِكَ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَيْهِ (وَمَنْ أَوْدَعَ شَهَادَةً) خَوْفًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute