للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَطَبَ وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِحَمْلِهِ، أَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِخِيَاطَتِهِ.

وَكُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْعَيْنَيْنِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ.

قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَهَذَا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الشَّرْطِ الْوَاحِدِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ النَّفْعَ بِأَنْ شَرَطَ حَمْلَ الْحَطَبِ عَلَى بَائِعِهِ إلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاء وَكَذَا لَوْ شَرَطَ بَائِعٌ نَفْعَ غَيْرِ مَبِيعٍ أَوْ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ فِي غَيْرِ مَبِيعٍ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ.

(وَهُوَ) أَيْ الْبَائِعُ الْمَشْرُوطُ نَفْعُهُ فِي الْمَبِيعِ (كَأَجِيرٍ فَإِنْ مَاتَ) الْبَائِعُ قَبْلَ حَمْلِ الْحَطَبِ أَوْ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ (أَوْ اسْتَحَقَّ نَفْعَهُ) بَائِعٌ بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ إجَارَةً خَاصَّةً (فَلِمُشْتَرٍ عِوَضُ ذَلِكَ) النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ، لِفَوَاتِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ فَانْفَسَخَتْ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا خَاصًّا فَمَاتَ وَإِنْ مَرِضَ بَائِعٌ وَنَحْوُهُ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، كَالْإِجَارَةِ وَإِنْ أَرَادَ بَائِعٌ دَفْعَ عِوَضِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ وَأَبَى مُشْتَرٍ أَوْ أَرَادَ مُشْتَرٍ أَخْذَهُ بِلَا رِضَا بَائِعٍ لَمْ يُجْبَرْ مُمْتَنِعٌ (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِهِ) أَيْ الْعِوَضِ، وَلَوْ (بِلَا عُذْرٍ جَازَ) لِجَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهَا مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ فَكَذَا مَعَهُ وَكَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا.

(وَيُبْطِلُهُ) أَيْ الْبَيْعَ (جَمْعٌ بَيْنَ شَرْطَيْنِ وَلَوْ صَحِيحَيْنِ) مُنْفَرِدَيْنِ كَحَمْلِ حَطَبٍ وَتَكْسِيرِهِ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَتَفْصِيلِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (مَا لَمْ يَكُونَا) أَيْ الشَّرْطَانِ (مِنْ مُقْتَضَاهُ) أَيْ مَبِيعٍ كَاشْتِرَاطِ حُلُولِ الثَّمَنِ، وَتَصَرُّفِ كُلٍّ فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ (أَوْ) يَكُونَا (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) كَاشْتِرَاطِ رَهْنٍ وَضَمِينٍ مُعَيَّنَيْنِ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ) ; لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ بِأَمْرٍ يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَشْبَهَ شَرْطَ الْخِيَارِ (غَيْرِ خُلْعٍ) فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ إلْحَاقًا لَهُ بِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ ; لِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِيهِ (بِشَرْطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيقٍ (كَ) قَوْلِهِ (بِعْتُكَ) كَذَا بِكَذَا (عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إلَى كَذَا) أَيْ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

(أَوْ) بِعْتُكَ (عَلَى أَنْ تُرْهِنَنِيهِ) أَيْ الْمَبِيعَ (بِثَمَنِهِ، وَإِلَّا) تَفْعَلْ ذَلِكَ (فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا) فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْقَبُولِ (وَيَنْفَسِخُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ يَنْقُدُهُ الثَّمَنَ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ يَرْهَنُهُ الْمَبِيعَ بِثَمَنِهِ، لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ وَشَرَطَ إنْ رَدَّهُ بَائِعٌ إلَى وَقْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>