للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةِ التَّعَيُّبِ لِتَعَدِّيهِمَا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، بِخِلَافِ تَلَفِهِ بِفِعْلِهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِلضَّمَانِ سِوَى حُكْمِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالْبَدَلِ إنْ أَمْضَى الْعَقْدَ وَحُكْمُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالثَّمَنِ إنْ فُسِخَ فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا.

(وَالتَّالِفُ) قَبْلَ قَبْضِهِ بِآفَةٍ مِمَّا ذُكِرَ كُلَّ الْمَبِيعِ كَانَ أَوْ بَعْضَهُ (مِنْ مَالِ بَائِعٍ) أَيْ ضَمَانُهُ لِحَدِيثِ " نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ " قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ؟ قَالَ هَذَا فِي الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ، فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، لَكِنْ إنْ عَرَضَهُ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ بَرِئَ مِنْهُ، كَمَا فِي الْكَافِي فِي الْإِجَارَةِ.

(فَلَوْ بِيعَ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ مَا) أَيْ مَبِيعٌ اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ (وَنَحْوِهِ) كَمَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَذْرُوعٍ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ شِقْصًا مَشْفُوعًا بِنَحْوِ صُبْرَةِ بُرٍّ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَخَذَ الشِّقْصَ بِشُفْعَةٍ (ثُمَّ تَلِفَ الثَّمَنُ) وَهُوَ الصُّبْرَةُ بِآفَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ) الْوَاقِعُ بِالصُّبْرَةِ، لِتَلَفِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُثَمَّنًا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي الْوَاقِعِ عَلَى الْعَبْدِ ثَانِيًا، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَمَامِهِ قَبْلَ فَسْخِ الْأَوَّلِ (وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ) لِلْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ بِالصُّبْرَةِ (لِلْبَائِعِ) لَهُمَا (قِيمَةَ الْمَبِيعِ) أَيْ الْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَحْبَلَ أَمَةً اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ ثُمَّ تَلِفَ (وَأَخَذَ) الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ) ; لِأَنَّهُ ثَمَنُ الشِّقْصِ وَمِنْ مُشْتَرِي الْعَبْدِ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُهُ

(وَلَوْ خُلِطَ) مَبِيعٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ قَبْلَ قَبْضٍ (بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ، وَزَيْتٍ بِمِثْلِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ) الْبَيْعُ بِالْخَلْطِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ (وَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَمَالِكُ الْآخَرِ (شَرِيكَانِ) بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِيهِ (وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ) لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ مَا اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ بِيعَ جُزَافًا (يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالنَّقِيعِ بِالدَّرَاهِمِ فَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ وَبِالْعَكْسِ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُؤْخَذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ (إلَّا الْمَبِيعَ بِصِفَةٍ) وَلَوْ مُعَيَّنًا (أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ) فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.

(وَ) مَا عَدَا ذَلِكَ (مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ لِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . وَهَذَا الْمَبِيعُ رِبْحُهُ لِلْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ مَنَعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (بَائِعٌ) مِنْ قَبْضِهِ وَلَوْ لِقَبْضِ ثَمَنِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>