للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هِبَةٌ) ; لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ فَقَوْلُ مُعْطٍ إنَّهُ قَرْضٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى مُقْرِضٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ مُقْتَرِضٍ نَصًّا وَقَالَ إذَا اقْتَرَضَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِحَالِهِ لَمْ يُعْجِبْنِي، وَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ لِإِخْوَانِهِ بِجَاهِهِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ. وَلَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَفِّيَهُ إلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يُتَعَذَّرُ مِثْلُهُ، وَكَذَا الْفَقِيرُ يَتَزَوَّجُ مُوسِرَةً يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهَا بِحَالِهِ لِئَلَّا يَغُرَّهَا وَلَهُ أَخْذُ جُعْلٍ عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ لَا عَلَى كَفَالَتِهِ

(وَشُرِطَ عِلْمُ قَدْرِهِ) أَيْ الْقَرْضِ بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا عَدَدًا إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَزْنَهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا فَيَجُوزُ وَيَرُدُّ بَدَلَهَا عَدَدًا

(وَ) مَعْرِفَةُ (وَصْفِهِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ بَدَلِهِ (وَ) شُرِطَ

(كَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) فَلَا يُقْرِضُ نَحْوُ وَلِيِّ يَتِيمٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا مُكَاتَبٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ مِنْهُ كَمَا لَا يُحَابِي (وَمِنْ شَأْنِهِ) أَيْ الْقَرْضِ (أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً) لَا عَلَى مَا يَحْدُثُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ انْتَهَى.

وَفِي الْمُوجَزِ يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ: الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْوَقْفِ اقْتِرَاضُ النَّاظِرِ لَهُ وَشِرَاؤُهُ لَهُ نَسِيئَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ «أَنْ يَأْخُذَ عَلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ»

(وَيَصِحُّ) الْقَرْضُ (فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَغَيْرِهِ وَجَوْهَرٍ وَحَيَوَانٍ (إلَّا بَنِي آدَمَ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ قَرْضُهُمْ وَلَا هُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ.

وَلَا يَصِحُّ قَرْضُ مَنْفَعَةٍ (وَيَتِمُّ) الْقَرْضُ (بِقَبُولٍ) كَبَيْعٍ (وَيَمْلِكُ) مَا اقْتَرَضَ بِقَبْضٍ (وَيَلْزَمُ) عَقْدُهُ (بِقَبْضٍ) ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ فَوَقَفَ الْمِلْكُ عَلَيْهِ (فَلَا يَمْلِكُ مُقْرِضٌ اسْتِرْجَاعَهُ) أَيْ الْقَرْضَ مِنْ مُقْتَرِضٍ كَالْبَيْعِ لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَةٍ (إلَّا إنْ حُجِرَ عَلَى مُقْتَرِضٍ لِفَلَسٍ) فَيَمْلِكُ مُقْرِضٌ الرُّجُوعَ فِيهِ بِشَرْطِهِ لِحَدِيثِ «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ»

وَيَأْتِي (وَلَهُ) أَيْ الْمُقْرِضِ (طَلَبُ بَدَلِهِ) أَيْ الْمُقْرَضِ مِنْ مُقْتَرَضٍ فِي الْحَالِ ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فَأَوْجَبَهُ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ تَفَارِيقَ فَلَهُ طَلَبُهُ بِهَا جُمْلَةً كَمَا لَوْ بَاعَهُ بُيُوعًا مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ طَالَبَهُ بِثَمَنِهَا جُمْلَةً

(وَإِنْ شَرَطَ) مُقْرِضٌ (رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ ; لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ التَّصَرُّفُ وَرَدُّهُ بِعَيْنِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَيَجِبُ) عَلَى مُقْرِضٍ (قَبُولُ) قَرْضٍ (مِثْلِيٍّ رُدَّ) بِعَيْنِهِ وَفَاءً وَلَوْ تَغَيَّرَ سِعْرُهُ لِرَدِّهِ عَلَى صِفَةِ مَا عَلَيْهِ، فَلَزِمَهُ قَبُولُهُ كَالسَّلَمِ بِخِلَافِ مُتَقَوِّمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>