للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتِيثَاقٍ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا الْآخَرَ وَأَحَالَهُ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِنْ أَحَالَهُ فِي الْأُولَى عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ صَحَّ لِاسْتِقْرَارِ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا.

وَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ الَّذِي لَمْ يُحَلْ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحِيلِ لِانْتِقَالِ حَقِّهِ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ وَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يُطَالِبُ الْآخَرَ حَتَّى يُؤَدِّيَ كَمَا فِي ضَامِنِ الضَّامِنِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَأَطَالَ وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ لَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الضَّمَانِ: أَنَّهُ إنْ قَالَ ضَمِنْتُ مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَضْمُونَ لَهُ فَالضَّمَانُ بَاقٍ، وَإِنْ عَيَّنَ الْمَضْمُونَ لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ انْتَهَى. وَإِنْ أَحَالَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنُ الْآخَرِ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمَا مَعًا كَمَا لَوْ قَضَاهُ (وَإِنْ بَرِئَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (مِنْ الْكُلِّ) بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصَالَةً وَضَمَانًا وَ (بَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ أَصَالَةً) ; لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَمْ يُصَادِفْهُ وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَالَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ

(وَإِنْ بَرِئَ مَدْيُونٌ) بِوَفَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ (بَرِئَ ضَامِنُهُ) ; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالضَّمَانُ وَثِيقَةٌ فَإِذَا بَرِئَ الْأَصْلُ زَالَتْ الْوَثِيقَةُ كَالرَّهْنِ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يَبْرَأُ مَدِينٌ بِبَرَاءَةِ ضَامِنِهِ لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ. إنْ تَعَدَّدَ ضَامِنٌ، لَمْ يَبْرَأْ أَحَدُهُمْ بِإِبْرَاءِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ وَيَبْرَءُونَ بِإِبْرَاءِ مَضْمُونٍ عَنْهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُ الضَّامِنِينَ الْآخَرَ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ بِضَمَانِهِ الْأَصْلَ فَهُوَ أَصْلٌ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَصِيرَ فَرْعًا، بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ ; لِأَنَّهَا بِبَدَنِهِ لَا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ بِهِ لِأَمْنِ إحْضَارِ مَكْفُولٍ بِهِ

(وَلَوْ لَحِقَ ضَامِنٌ بِدَارِ حَرْبٍ مُرْتَدًّا أَوْ) كَانَ كَافِرًا (أَصْلِيًّا) فَضَمِنَ وَلَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ كَالدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ

(وَإِنْ قَالَ رَبُّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ: بَرِئْتَ إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ) الدَّيْنَ ; لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِفِعْلِ الضَّامِنِ، وَالْبَرَاءَةُ لَا تَكُونُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إلَّا بِأَدَائِهِ وَ (لَا) يَكُونُ قَوْلُهُ لَهُ (أَبْرَأْتُكَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ) إقْرَارًا بِقَبْضِهِ أَمَّا فِي أَبْرَأْتُكَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي بَرِئْتَ مِنْهُ فَلِأَنَّ الْبَرَاءَةَ قَدْ تُضَافُ إلَى مَا لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ مِنْهُ ك بَرِئَتْ ذِمَّتُكَ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْبَرَاءَةُ بِفِعْلِ الضَّامِنِ أَوْ الْمَضْمُونِ لَهُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ

(وَ) قَوْلُ رَبِّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ (وَهَبْتُكَهُ) أَيْ الدَّيْنَ (تَمْلِيكٌ لَهُ) أَيْ الضَّامِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>