السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْجَانِي
(وَيَلْزَمُ) الْحَاكِمَ (إجْبَارُ مُفْلِسٍ مُحْتَرِفٍ) أَيْ ذِي حِرْفَةٍ كَحَدَّادٍ وَحَائِكٍ (عَلَى) الْكَسْبِ أَوْ (إيجَارِ نَفْسِهِ) فِي حِرْفَةٍ يُحْسِنُهَا لِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ صَنَائِعُ أُجْبِرَ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ (فِيمَا يَلِيقُ بِهِ) مِنْ صَنَائِعِهِ (ل) يُوَفِّيَ (بَقِيَّةِ دَيْنِهِ) بَعْدَ قِسْمَةِ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِهِ لِحَدِيثِ سُرَّقٍ وَكَانَ سُرَّقٌ رَجُلًا دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ وَرَاءَهُ مَالًا، فَدَايَنَهُ النَّاسُ وَرَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَرَاءَهُ فَسَمَّاهُ سُرَّقًا وَبَاعَهُ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ " ; وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَتَحْرِيمِ أَخْذِ الزَّكَاةِ وَثُبُوتِ الْغِنَى بِهَا فَكَذَا فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ بِهَا، وَالْإِجَارَةُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَجَازَ إجْبَارُهُ عَلَيْهَا كَالْبَيْعِ، و (كَ) إجَارَةِ (وَقْفٍ وَأُمِّ وَلَدٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا) وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيهَا ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَغْنِيَاءِ فِي حِرْمَانِ الزَّكَاةِ وَسُقُوطِ نَفَقَتِهِ عَنْ قَرِيبِهِ وَوُجُوبِ نَفَقَةِ قَرِيبِهِ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ لِذَلِكَ الْمَدِينِ حِرْفَةٌ يَتَكَسَّبُ بِهَا مَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَتِهِ وَدَعْوَى نَسْخِ حَدِيثِ سُرَّقٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا، إذْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ بَيْعَ الْحُرِّ كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِنَا، وَحَمْلُ لَفْظِ بَيْعِهِ عَلَى بَيْعِ مَنَافِعِهِ أَسْهَلُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى بَيْعِ رَقَبَتِهِ الْمُحَرَّمُ وَحَذْفُ الْمُضَافِ وَإِقَامَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ شَائِعٌ كَثِيرٌ وَقَوْلُ مُشْتَرِيهِ " أَعْتِقُهُ " أَيْ مِنْ حَقِّي عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ قَالَ " فَأَعْتَقُوهُ " أَيْ الْغُرَمَاءُ وَهُمْ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا الدَّيْنَ عَلَيْهِ (مَعَ) بَقَاءِ (الْحَجْرِ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ الْمُؤَجَّرِ نَفْسَهُ أَوْ وَقْفَهُ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ (لِقَضَائِهَا) أَيْ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ.
وَ (لَا) تُجْبَرُ (امْرَأَةٌ) مُفْلِسَةٌ (عَلَى نِكَاحٍ) وَلَوْ رَغِبَ فِيهَا بِمَا تُوفِي بِهِ دَيْنَهَا بِهِ ; لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ مَا قَدْ تَعْجِزُ عَنْهُ (وَلَا) يُجْبَرُ (مَنْ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ كَفَّارَةٌ) لَوْ احْتَرَفَ أَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَحْصُلُ مِنْ حِرْفَتِهِ مَا يُحَجُّ بِهِ أَوْ يُكَفِّرُ وَلَا عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ لِذَلِكَ ; لِأَنَّ مَالَهُ لَا يُبَاعُ فِيهِ وَلَا تَجْرِي فِيهِ الْمَنَافِعُ مَجْرَى الْأَعْيَانِ
(وَيَحْرُمُ) إجْبَارُ مَدِينِ مُفْلِسٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى قَبُولِ هِبَةٍ وَ) قَبُولِ (صَدَقَةٍ وَ) قَبُولِ (وَصِيَّةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ تَحَمُّلِ الْمِنَّةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الصَّنْعَةِ وَلَا يَمْلِكُ الْحَاكِمُ قَبْضَ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ لَفْظِيٍّ أَوْ عُرْفِيٍّ، وَلَا غَيْرُ الْمَدِينِ وَفَاءَ دَيْنِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ
(وَ) يَحْرُمُ إجْبَارُهُ عَلَى (تَزْوِيجِ أُمِّ وَلَدٍ) لِيُوَفِّيَ بِمَهْرِهَا دَيْنَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَطَؤُهَا ; لِأَنَّهُ يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ وَيُعَلِّقُ حَقَّ الزَّوْجِ بِهَا
(وَ) يَحْرُمُ إجْبَارُهُ عَلَى (خُلْعِ) زَوْجَتِهِ (عَلَى عِوَضٍ يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ) ; لِأَنَّهُ يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ إلَيْهَا مَيْلٌ
(وَ) لَا يُجْبَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute