تَوَضَّأَ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: ٦] (إلَّا هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُسَافِرُ الْمَاءَ أَوْ دَلَّهُ عَلَيْهِ ثِقَةٌ قَرِيبًا وَخَافَ بِقَصْدِهِ فَوْتَ الْوَقْتِ.
(وَ) إلَّا فِيمَا (إذَا وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ طَهَارَتِهِ (أَوْ) لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْهَا لَكِنْ (عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ) لِيَسْتَعْمِلَهُ (إلَّا بَعْدَهُ) أَيْ الْوَقْتِ، فَيَتَيَمَّمُ، لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ. فَاسْتُصْحِبَ حَالُ عَدَمِهِ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ أَخَّرَ حَتَّى ضَاقَ فَكَحَاضِرٍ لِتَحَقُّقِ قُدْرَتِهِ (وَمَنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ) مِنْ مَاءٍ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ (أَوْ) تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ (تَحْصِيلُهُ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ) كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ (وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى.
أَعَادَ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ لَاحِقٍ لَهُ. فَلَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، كَوَاجِدِهِ (وَمَنْ خَرَجَ) إلَى أَرْضٍ مِنْ أَعْمَالِ بَلَدِهِ (لِحَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ) كَاحْتِطَابٍ (حَمَلَهُ) أَيْ الْمَاءَ مَعَهُ (إنْ أَمْكَنَهُ) لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ إذَنْ. وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ (وَ) مَتَى حَمَلَهُ وَفَقَدَهُ، أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ (تَيَمَّمَ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ) الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا (بِرُجُوعِهِ) إلَى الْمَاءِ (وَلَا يُعِيدُ) صَلَاتَهُ بِهِ، لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُسَافِرِ إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.
(وَمَنْ فِي الْوَقْتِ) لِلصَّلَاةِ (أَرَاقَهُ) أَيْ الْمَاءَ (أَوْ مَرَّ بِهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ) مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ (وَ) هُوَ (يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ) فِي الْوَقْتِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُ بَذْلُهُ لَهُ (حَرُمَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ كَأُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ
(ثُمَّ إنْ تَيَمَّمَ) لِعَدَمِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّ الْمَبِيعِ وَالْمَوْهُوبِ (وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ) لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ مَا سَبَقَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا إثْمَ لَهُ وَلَا إعَادَةَ بِالْأَوْلَى (وَمَنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَبِهِ الْمَاءُ. وَقَدْ طَلَبَهُ) أَيْ رَحْلَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَتَيَمَّمَ أَجْزَأَهُ أَوْ ضَلَّ (عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ يَعْرِفُهَا فَتَيَمَّمَ أَجْزَأَهُ) وَلَا إعَادَةَ بَعْدَ وُجُودِ مَاءٍ ضَلَّ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ حَالَ تَيَمُّمِهِ عَادِمُ الْمَاءِ.
فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ (وَلَوْ بَانَ بَعْدَ) التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ (بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا) فَلَا إعَادَةَ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَعْلَامُهَا ظَاهِرَةً أَوْ كَانَ يَعْرِفُهَا (لَا إنْ نَسِيَهُ أَيْ الْمَاءَ) أَوْ جَهِلَهُ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ
(وَلَوْ مَعَ نَحْوِ عَبْدِهِ (وَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى. فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تَجِبُ مَعَ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ فَلَا تَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، كَمَنْ صَلَّى نَاسِيًا حَدَثَهُ وَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute