ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ كَالْقَبُولِ
(وَ) يَصِحُّ (قَبُولُ) الْوَكَالَةِ (بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ) ; لِأَنَّ وُكَلَاءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ سِوَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَلِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فَجَازَ قَبُولُهُ بِالْفِعْلِ كَأَكْلِ الطَّعَامِ (وَلَوْ) كَانَ الْقَبُولُ (مُتَرَاخِيًا) عَنْ الْإِذْنِ فَلَوْ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ فَقَبِلَ، أَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ صَحَّ ; لِأَنَّ قَبُولَ وُكَلَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِفِعْلِهِمْ وَكَانَ مُتَرَاخِيًا، قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلِأَنَّ الْإِذْنَ قَائِمٌ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ (وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٌ) كَشَرِكَةٍ وَمُسَاقَاةٍ فَهُوَ كَالْوَكَالَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ
(وَشُرِطَ) لِوَكَالَةٍ (تَعْيِينُ وَكِيلٍ) كَأَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُ فُلَانًا فِي كَذَا فَلَا يَصِحُّ وَكَّلْتُ أَحَدَ هَذَيْنِ.
وَفِي الِانْتِصَارِ لَوْ وَكَّلَ زَيْدًا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ مُوَكِّلَهُ لَمْ يَصِحَّ
وَ (لَا) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ (عِلْمُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ فَلَوْ بَاعَ عَبْدَ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَبَانَ أَنَّ زَيْدًا كَانَ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ
(وَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (التَّصَرُّفُ) فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ (بِخَبَرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ) بِتَوْكِيلِ زَيْدٍ مَثَلًا لَهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّدْقُ كَقَبُولِ هَدِيَّةٍ وَإِذْنِ غُلَامٍ فِي دُخُولِهِ (وَيَضْمَنُ) مَا تَرَتَّبَ عَلَى تَصَرُّفِهِ إنْ أَنْكَرَ زَيْدٌ الْوَكَالَةَ (وَلَوْ شَهِدَ بِهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ (اثْنَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا عَزَلَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ حَاكِمٌ قَبْلَ قَوْلِهِ عَزَلَهُ (لَمْ تَثْبُتْ) الْوَكَالَةُ لِرُجُوعِ شَاهِدِهَا قَبْلَ الْحُكْمِ.
(وَإِنْ حُكِمَ) بِالْوَكَالَةِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ: عَزَلَهُ (أَوْ قَالَهُ غَيْرُهُمَا) قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ (لَمْ يَقْدَحْ) ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ لِنُفُوذِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَزْلُ، وَإِنْ قَالَ: عَزَلَهُ ثَبَتَ الْعَزْلُ لِتَمَامِ الشَّهَادَةِ بِهِ كَتَمَامِهَا بِالتَّوْكِيلِ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَ هَذَا الْحَاضِرَ ; فَقَالَ: الْوَكِيلُ مَا عَلِمْتُ وَأَنَا أَتَصَرَّفُ عَنْهُ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنِّي الْآنَ لَمْ أَعْلَمْ، وَقَبُولُ الْوَكَالَةِ يَجُوزُ مُتَرَاخِيًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ قَالَ مَا أَعْلَمُ صِدْقَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ تَثْبُتْ لِقَدْحِهِ، فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ قَالَ: مَا عَلِمْتُ فَقَطْ قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَ بِالْأَوَّلِ ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ وَإِنْ فَسَّرَ بِالثَّانِي لَمْ تَثْبُتْ
(وَإِنْ أَبَى) وَكِيلٌ قَبُولَهَا أَيْ الْوَكَالَةِ فَقَالَ لَا أَقْبَلُهَا (فَكَعَزْلِهِ نَفْسَهُ) ; لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمْ تَتِمَّ (وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلٌ فِي شَيْءٍ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ النَّائِبَ فَرْعٌ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ فِي نَحْوِ عِتْقِ عَبْدِهِ (سِوَى أَعْمَى) رَشِيدٍ (وَنَحْوِهِ) كَمَنْ يُرِيدُ شِرَاءَ عَقَارٍ لَمْ يَرَهُ إذَا وَكَّلَ فِيهِ (عَالِمًا) بِالْبَيْعِ (فِيمَا يَحْتَاجُ لِرُؤْيَةٍ) كَجَوْهَرٍ وَعَقَارٍ فَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute