(بَدَنِيَّةٍ مَحْضَةٍ) لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ (كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَطَهَارَةٍ مِنْ حَدَثٍ) لِتَعَلُّقِهَا بِبَدَنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ كَاعْتِكَافٍ وَغُسْلِ جُمُعَةٍ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ ; لِأَنَّ الثَّوَابَ عَلَيْهِ لِأَمْرٍ يَخُصُّ الْمُعْتَكِفَ وَهُوَ لُبْثُ ذَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَتَصِحُّ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ ; لِأَنَّهَا مِنْ التُّرُوكِ كَإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ
(وَيَصِحُّ اسْتِيفَاءُ) مَا وَكُلُّ فِيهِ (بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ وَغِيبَتِهِ) نَصًّا لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (حَتَّى فِي) اسْتِيفَاءِ (قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَفْوِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا لَأَعْلَمَ وَكِيلَهُ، وَالْأَوْلَى اسْتِيفَاؤُهُمَا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ
(وَلِوَكِيلٍ تَوْكِيلٌ فِيمَا يُعْجِزُهُ) فِعْلُهُ (لِكَثْرَتِهِ وَلَوْ فِي جَمِيعِهِ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ، وَحَيْثُ اقْتَضَتْ الْوَكَالَةُ جَوَازَ التَّوْكِيلِ جَازَ فِي جَمِيعِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِيهِ لَفْظًا (وَفِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ) كَالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُتَرَفِّعِينَ عَنْهَا عَادَةً ; لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يُوَكَّلَ وَكِيلٌ (فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ) وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ وَلَا تَضَمَّنَهُ الْإِذْنُ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ نَهَاهُ، وَلِأَنَّهُ اُسْتُؤْمِنَ فِيمَا يُمْكِنُهُ النُّهُوضُ فِيهِ فَلَا يُوَلِّيهِ غَيْرُهُ كَالْوَدِيعَةِ (إلَّا بِإِذْنِ) مُوَكِّلِهِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَيَجُوزُ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ أُذِنَ لَهُ فِيهِ أَشْبَهَ سَائِرَ الْعُقُودِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ يَسْتَنِيبُ نَائِبًا فِي الْحَجِّ لِمَرَضٍ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ (وَيَتَعَيَّنُ) عَلَى وَكِيلٍ حَيْثُ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ (أَمِينٌ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ يَنْظُرُ لِمُوَكِّلِهِ بِالْأَحَظِّ وَلَا أَحَظَّ لَهُ فِي إقَامَةِ غَيْرِهِ (إلَّا مَعَ تَعْيِينِ مُوَكِّلٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: وَكِّلْ زَيْدًا مَثَلًا فَلَهُ تَوْكِيلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا ; لِأَنَّهُ قَطَعَ نَظَرَهُ بِتَعْيِينِهِ لَهُ، وَإِنْ وَكَّلَ أَمِينًا فَخَانَ فَعَلَيْهِ عَزْلُهُ ; لِأَنَّ إبْقَائَهُ تَفْرِيطٌ وَتَضْيِيعٌ (وَكَذَا) أَيْ كَالْوَكِيلِ فِيمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ (وَصِيٌّ يُوَكِّلُ أَوْ حَاكِمٌ يَسْتَنِيبُ) ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَصَرِّفٌ لِغَيْرِهِ بِالْإِذْنِ
(وَ) قَوْلُ مُوَكِّلٍ لِوَكِيلِهِ (وَكِّلْ عَنْكَ) يَصِحُّ فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَكِيلُ (وَكِيلُ وَكِيلِهِ فَلَهُ عَزْلُهُ) يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَعَزْلِهِ.
(وَ) وَكَّلَ (عَنِّي أَوْ) وَكَّلَ وَ (يُطْلِقُ) فَلَا يَقُولُ: عَنْكَ وَلَا عَنِّي، فَوَكَّلَ (فَ) هُوَ (وَكِيلُ مُوَكِّلِهِ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَلَا عَزْلِهِ، وَلَا يَمْلِكُ الْأَوَّلُ عَزْلَهُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلَهُ
وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ وَنَحْوَهُ انْعَزَلَا سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا فَرْعَ الْآخَرِ أَوْ لَا (كَ) قَوْلِ مُوصٍ لِوَصِيِّهِ (أَوْصِ إلَى مَنْ يَكُونُ وَصِيًّا لِي) فَالْمُوصَى إلَيْهِ ثَانِيًا وَصِيٌّ لِلْمُوصِي الْأَوَّلِ (وَلَا يُوصِي وَكِيلٌ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أُذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ
(وَلَا يَعْقِدُ) وَكِيلٌ فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ (مَعَ فَقِيرٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ) إلَّا بِإِذْنِ مُوَكِّلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute