التَّوْكِيلِ ; لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَفْعَلُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ إلَّا مُتَصَرِّفٌ لِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ بَحْثًا
(وَمَنْ أُمِرَ بِدَفْعِ شَيْءٍ) كَثَوْبٍ أَمَرَهُ مَالِكُهُ بِدَفْعِهِ (إلَى) نَحْوِ قَصَّارٍ أَوْ صَبَّاغٍ (مُعَيَّنٍ لِيَصْنَعَهُ فَدَفَعَ) الْمَأْمُورُ الشَّيْءَ إلَى مَنْ أُمِرَ بِدَفْعِهِ لَهُ (وَنَسِيَهُ) فَضَاعَ (لَمْ يَضْمَنْهُ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ، وَلَمْ يُفَرِّطْ بَلْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ مَالِكٌ) بِأَنَّ قَالَ مَثَلًا: ادْفَعْهُ إلَى مَنْ يُقَصِّرُهُ أَوْ يَصْبُغُهُ (فَدَفَعَهُ) الْوَكِيلُ (إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ) كَمَا لَوْ نَاوَلَهُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ (وَلَا اسْمَهُ وَلَا دُكَّانَهُ) بِأَنْ دَفَعَهُ بِغَيْرِ دُكَّانٍ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ وَلَا عَنْ اسْمِهِ فَضَاعَ (ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ
(وَمَنْ وُكِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (فِي قَبْضِ دِرْهَمٍ) فَأَكْثَرَ (أَوْ) قَبْضِ (دِينَارٍ) فَأَكْثَرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرُ (لَمْ يُصَارَفْ) الْمَدِينُ بِأَنْ يَقْبِضَ عَنْ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ، أَوْ عَنْ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِمُصَارَفَتِهِ، وَيَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَاعِثِ إنْ تَلِفَ نَصًّا ; لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الرَّسُولِ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ لِلْبَاعِثِ فِي تَأْدِيَتِهِ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ إلَّا إنْ أَخْبَرَ الرَّسُولُ الْمَدِينَ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَذِنَهُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الرَّسُولِ ; لِأَنَّهُ غَرَّهُ
(وَإِنْ أَخَذَ) وَكِيلٌ فِي قَبْضِ دَيْنٍ (رَهْنًا أَسَاءَ) بِأَخْذِهِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَلَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ الرَّهْنَ وَكِيلٌ ; لِأَنَّهُ رَهْنٌ فَاسِدٌ، وَفَاسِدُ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ
(وَمَنْ وَكَّلَ) غَيْرَهُ (وَلَوْ) كَانَ الْوَكِيلُ (مُودَعًا فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ وَلَمْ يَشْهَدْ) الْوَكِيلُ بِالْقَضَاءِ (وَأَنْكَرَ غَرِيمٌ) أَيْ رَبُّ دَيْنٍ الْقَضَاءَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ وَكِيلٍ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَكَمَا لَوْ ادَّعَاهُ الْمُوَكِّلُ وَ (ضَمِنَ) وَكِيلٌ لِمُوَكِّلِهِ مَا أَنْكَرَهُ رَبُّ الدَّيْنِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلِهَذَا إنَّمَا يَضْمَنُ (مَا لَيْسَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ) .
فَإِنْ حَضَرَ مَعَ تَرْكِ الْإِشْهَادِ فَقَدْ رَضِيَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ كَقَوْلِهِ: اقْضِهِ وَلَا تَشْهَدْ بِخِلَافِ حَالِ غَيْبَتِهِ لَا يُقَالُ هُوَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِشْهَادِ فَلَا يَكُونُ مُفَرِّطًا بِتَرْكِهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَهُ فِي قَضَاءٍ مُبْرِئٍ وَلَمْ يَفْعَلْ وَلِهَذَا يَضْمَنُ وَلَوْ صَدَّقَهُ مُوَكِّلٌ وَكَذَّبَ رَبَّ الدَّيْنِ (بِخِلَافِ) تَوْكِيلٍ فِي (إيدَاعٍ) فَلَا يَضْمَنُ وَكِيلٌ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوَدِيعِ إذَا أَنْكَرَ لِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ فَلَا فَائِدَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِي الِاسْتِيثَاقِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَدِيعُ دَفْعَ الْوَكِيلِ الْوَدِيعَةَ إلَيْهِ فَقَوْلُ وَكِيلٍ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي تَصَرُّفِهِ وَفِيمَا وُكِّلَ فِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهِ
(وَإِنْ قَالَ) وَكِيلٌ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ (أَشْهَدْتُ) عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِالْقَضَاءِ شُهُودًا (فَمَاتُوا) وَأَنْكَرَهُ مُوَكِّلٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَذِنْتَ لِي فِيهِ) أَيْ الْقَضَاءِ بِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute