(بِ) جُعْلٍ (مَعْلُومٍ) كَدِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا (أَيَّامًا مَعْلُومَةً) بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ (أَوْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْأَلْفِ) مَثَلًا (شَيْئًا مَعْلُومًا) كَعَشَرَةٍ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عُمَّالَهُ لِقَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَيُعْطِيهِمْ عَلَيْهَا ; وَلِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ لِلْغَيْرِ لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ فَجَازَ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ كَرَدِّ الْآبِقِ و (لَا) يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ (مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ كَذَا لَمْ يَصِفْهُ) أَيْ: الثَّوْبَ (وَلَمْ يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ) ; لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى، وَكَذَا لَوْ سَمَّى لَهُ جُعْلًا مَجْهُولًا وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
(وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) بِأَنْ قَالَ: كُلُّ ثَوْبٍ بِعْتُهُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ لِزَيْدٍ فَلَكَ عَلَى بَيْعِهِ كَذَا أَوْ كُلُّ ثَوْبٍ اشْتَرَيْته لِي مِنْ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ فَلَكَ عَلَى شِرَائِهِ كَذَا وَعَيَّنَهُ (صَحَّ) مَا سَمَّاهُ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْبَائِعَ عَلَى مَا يَظْهَرُ (كَ) قَوْلِهِ: (بِعْ ثَوْبِي) هَذَا (بِكَذَا فَمَا زَادَ) عَنْهُ (فَلَكَ) فَيَصِحُّ نَصًّا.
قَالَ: هَلْ هَذَا إلَّا كَالْمُضَارَبَةِ؟ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَجْهُ شَبَهِهِ بِالْمُضَارَبَةِ أَنَّهُ عَيْنٌ تُنَمَّى بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْبَيْعُ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الثَّوْبَ بِزَائِدٍ عَمَّا عَيَّنَهُ لَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْبَحْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ (وَيَسْتَحِقُّهُ) أَيْ: الْجُعْلَ الْوَكِيلُ (قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ) ; لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَمَلِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِخْلَاصُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي (إلَّا إنْ اشْتَرَطَهُ) أَيْ: اشْتَرَطَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْجُعْلَ تَسَلُّمَ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ بِعْتَهُ وَسَلَّمْتَ إلَيَّ ثَمَنَهُ فَلَكَ كَذَا فَلَا يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ الثَّمَنَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّ بِالْعَمَلِ.
(وَمَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ نَحْوِهَا (فَادَّعَى إنْسَان أَنَّهُ وَكِيلُ رَبِّهِ فِي قَبْضِهِ أَوْ) أَنَّهُ (وَصِيُّهُ) أَيْ: وَصِيُّ رَبِّهِ (أَوْ) أَنَّهُ (أُحِيلَ بِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ مِنْ رَبِّهِ عَلَيْهِ (فَصَدَّقَهُ) أَيْ: صَدَّقَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْحَوَالَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (دَفْعٌ إلَيْهِ) أَيْ: الْمُدَّعِي ; لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِهِ لِجَوَازِ إنْكَارِ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ ظُهُورِهِ حَيًّا فِي الْوَصِيَّةِ.
(وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ: كَذَّبَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ الْمُدَّعِيَ لِذَلِكَ (لَمْ يُسْتَحْلَفْ) ; لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ إذْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ (وَإِنْ دَفَعَهُ) أَيْ: دَفَعَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي ذَلِكَ (وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ) أَيْ: الْحَقِّ (ذَلِكَ) أَيْ: الْوَكَالَةَ أَوْ الْحَوَالَةَ (حَلَفَ) رَبُّ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ وَلَا أَحَالَهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُدَّعِي (وَرَجَعَ) رَبُّ الْحَقِّ (عَلَى دَافِعٍ) وَحْدَهُ (إنْ كَانَ) الْمَدْفُوعُ (دَيْنًا) ; لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ بِدَفْعِهِ لِغَيْرِ رَبِّهِ وَوَكِيلِهِ ; وَلِأَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ أَوْ الْحَوَالَةِ عَيْنُ مَالِ الدَّافِعِ فِي زَعْمِ رَبِّ الْحَقِّ فَتَعَيَّنَ رُجُوعُهُ عَلَى الدَّافِعِ فَإِنْ نَكِلَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ.
وَفِي مَسْأَلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute