(وَلَا تَصِحُّ) إنْ أَحْضَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَالًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَلَهُ مِنْ الرِّبْحِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: قَدْرِ مَالِهِ (لِأَنَّهُ إبْضَاعٌ) لَا شَرِكَةٌ، وَهُوَ دَفْعُ الْمَالِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِلَا عِوَضٍ (وَلَا) تَصِحُّ إنْ عَقَدُوهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ أَحَدُهُمْ (بِدُونِهِ) أَيْ: دُونِ رِبْحِ مَالِهِ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَسْتَحِقُّ رِبْحَ مَالِ غَيْرِهِ وَلَا بَعْضَهُ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَوْضُوعِ الشَّرِكَةِ.
(وَتَنْعَقِدُ) الشَّرِكَةُ (بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى إذْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَائْتِمَانِهِ (وَيُغْنِي لَفْظُ الشَّرِكَةِ عَنْ إذْنٍ صَرِيحٍ بِالتَّصَرُّفِ) ; لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ.
(وَيَنْفُذُ) التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ جَمِيعِهِ (مِنْ كُلٍّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ (بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ وَ) بِحُكْمِ (الْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ) ; لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْأَمَانَةِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِلشَّرِكَةِ (خَلْطُ) أَمْوَالِهَا وَلَا أَنْ تَكُونَ بِأَيْدِي الشُّرَكَاءِ ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى التَّصَرُّفِ كَالْوَكَالَةِ، وَلِذَلِكَ صَحَّتْ عَلَى جِنْسَيْنِ وَ (لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْعَمَلُ وَبِإِعْلَامِ الرِّبْحِ بِعِلْمِ) الْعَمَلِ (وَالرِّبْحُ نَتِيجَتُهُ) أَيْ: الْعَمَلِ ; لِأَنَّهُ سَبَبُهُ (وَالْمَالُ تَبَعٌ) لِلْعَمَلِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ خَلْطُهُ (فَمَا تَلِفَ) مِنْ أَمْوَالِ الشُّرَكَاءِ (قَبْلَ خَلْطٍ ف) هُوَ (مِنْ ضَمَانِ الْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيع الشُّرَكَاءِ كَمَا لَوْ زَادَ ; لِأَنَّ مِنْ مُوجِبِ الشَّرِكَةِ تَعَلُّقَ الضَّمَانِ وَالزِّيَادَةِ بِالشُّرَكَاءِ خُلِطَ الْمَالُ أَوْ لَا لِصِحَّةِ قَسْمِ الْمَالِ (بِ) مُجَرَّدِ (لَفْظٍ كَخَرْصِ) ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ مُشْتَرَكٍ فَكَذَلِكَ الشَّرِكَةُ، احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ.
(وَلَا تَصِحُّ) الشَّرِكَةُ (إنْ لَمْ يُذْكَرْ الرِّبْحُ) فِي الْعَقْدِ كَالْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ إنْ (شُرِطَ لِبَعْضِهِمْ) أَيْ: الشُّرَكَاءِ (جُزْءًا) مِنْ الرِّبْحِ (مَجْهُولًا) كَحِصَّةٍ أَوْ نَصِيبٍ، أَوْ مِثْلِ مَا شُرِطَ لِفُلَانٍ مَعَ جَهْلِهِ أَوْ ثُلُثِ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ; لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْوَاجِبِ ; وَلِأَنَّ الرِّبْحَ هُوَ الْمَقْصُودِ فَلَا تَصِحُّ مَعَ جَهْلِهِ كَثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ.
(أَوْ) شُرِطَ لِبَعْضِهِمْ (دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ) كَمِائَةٍ ; لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ لَا يَرْبَحُ غَيْرَهُ فَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ سُمِّيَ لَهُ وَهُوَ مُنَافٍ لِمَوْضُوعِ الشَّرِكَةِ (أَوْ) شُرِطَ لِبَعْضِهِمْ (رِبْحُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ) كَثَوْبٍ بِعَيْنِهِ (أَوْ) رِبْحُ عَيْنٍ (مَجْهُولَةٍ) كَرِبْحِ ثَوْبٍ، وَكَذَا لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمْ رِبْحُ إحْدَى السَّفْرَتَيْنِ أَوْ مَا يَرْبَحُ الْمَالَ فِي يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَرْبَحُ فِي ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ شُرِطَ لَهُ وَهُوَ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الشَّرِكَةِ (وَكَذَا مُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ) فَلَا يَصِحَّانِ إنْ شُرِطَ لِعَامِلٍ جُزْءٌ مَجْهُولٌ أَوْ آصُعٌ مَعْلُومَةٌ أَوْ ثَمَرَةُ شَجَرَةِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute