قَالَ (خُذْهُ مُضَارَبَةً وَلَك) رِبْحُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، (أَوْ) قَالَ خُذْهُ مُضَارَبَةً (وَلِي رِبْحُهُ لَمْ يَصِحَّ) وَلَا أُجْرَةَ لَهُ ; لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ الصَّحِيحَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِذَا شُرِطَ اخْتِصَاصُ أَحَدِهِمَا بِهِ فَقَدْ شُرِطَ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَفَسَدَ، كَمَا لَوْ شُرِطَ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ: مُضَارَبَةً ; لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِمَا أُثْبِتَ حُكْمُهُ مِنْ الْإِبْضَاعِ وَالْقَرْضِ، وَإِنْ قَالَ: اتَّجِرْ بِهِ (وَلِي) ثُلُثُ الرِّبْحِ يَصِحُّ وَبَاقِيهِ لِلْآخَرِ، (أَوْ) قَالَ: اتَّجِرْ بِهِ (وَلَك ثُلُثُهُ) أَيْ: الرِّبْحِ (يَصِحُّ) مُضَارَبَةً (وَبَاقِيهِ) أَيْ: الرِّبْحِ (لِلْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُمَا.
وَإِنْ قُدِّرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنْهُ فَالْبَاقِي لِلْآخَرِ بِمَفْهُومِ اللَّفْظِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] لِمَا لَمْ يَذْكَرْ نَصِيبُ الْأَبِ عُلِمَ أَنَّ الْبَاقِي لَهُ وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَقَالَ: لِزَيْدٍ مِنْهَا ثَلَاثُونَ فَالْبَاقِي لِعَمْرٍو، أَوْ اتَّجِرْ بِهِ وَلَك نِصْفٌ وَلِي ثُلُثٌ وَسَكَتَ عَنْ السُّدُسِ صَحَّ وَهُوَ لِرَبِّ الْمَالِ، وَخُذْهُ مُضَارَبَةً عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ أَوْ بِالثُّلُثِ وَنَحْوَهُ صَحَّ وَالْمُقَدَّرُ لِلْعَامِلِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ يُرَادُ لِأَجْلِهِ وَرَبُّ الْمَالِ يَسْتَحِقُّ بِمَالِهِ لَا بِالشَّرْطِ، وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَهُوَ يَكْثُرُ وَيَقِلُّ وَإِنَّمَا تَتَقَدَّرُ حِصَّتُهُ بِالشَّرْطِ (وَإِنْ أَتَى مَعَهُ) أَيْ: الثُّلُثِ وَنَحْوِهِ (بِرُبُعِ عُشْرِ الْبَاقِي) بِأَنْ قَالَ: اتَّجِرْ بِهِ وَلَك الثُّلُثُ وَرُبُعُ عُشْرِ الْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ (وَنَحْوِهِ) كَاتَّجِرْ بِهِ عَلَى الرُّبُعِ وَخُمُسِ ثُمُنِ الْبَاقِي (صَحَّ) وَإِنْ جَهِلَا الْحِسَابَ ; لِأَنَّهَا أَجْزَاءٌ مَعْلُومَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَخْرُجُ بِالْحِسَابِ لَا تَخْتَصُّ بِهِمَا.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا) أَيْ: الْمُضَارَبَةِ لِمَنْ الْمَشْرُوطُ؟ فَلِعَامِلٍ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ) فِي (مُزَارَعَةٍ لِمَنْ) الْجُزْءُ (الْمَشْرُوطُ؟ ف) هُوَ (لِعَامِلٍ) ; لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِهِ لِكَوْنِهِ نَمَاءَهُ وَفَرْعَهُ، وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ (وَمُضَارَبَةٍ فِيمَا لِعَامِلٍ أَنْ يَفْعَلُهُ) مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَأَخْذٍ وَإِعْطَاءٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَبَيْعِ نَسَاءٍ وَبِعَرَضٍ وَشِرَاءِ مَعِيبٍ وَإِيدَاعٍ لِحَاجَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَوْ لَا) يَفْعَلُهُ كَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ وَقَرْضٍ وَأَخْذِ سَفْتَجَةٍ وَإِعْطَائِهَا وَنَحْوِهِ.
(وَ) فِي (مَا يَلْزَمُهُ) مِنْ نَشْرٍ وَطَيٍّ وَخَتْمٍ وَحِرْزٍ وَنَحْوِهِ (وَفِي شُرُوطٍ) صَحِيحَةٍ وَمُفْسِدَةٍ وَفَاسِدَةٍ (كَشَرِكَةِ عِنَانٍ) عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ بِالْإِذْنِ.
(وَإِنْ قِيلَ) أَيْ: قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِعَامِلٍ (اعْمَلْ بِرَأْيِكَ) أَوْ بِمَا أَرَاك اللَّهُ تَعَالَى (وَهُوَ) أَيْ: الْعَامِلُ (مُضَارِبٌ بِالنِّصْفِ فَدَفَعَهُ) أَيْ: الْمَالَ (ل) عَامِلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute