مُضَارَبَةً فَفَعَلَ صَحَّ لِصِحَّةِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِهِ.
(وَيَصِحُّ) إنْ قَالَ: ضَارِبْ (بِوَدِيعَةٍ) لِي عِنْدَ زَيْدٍ أَوْ عِنْدَك مَعَ عِلْمِهِمَا قَدْرَهَا ; لِأَنَّهَا مِلْكُ رَبِّ الْمَالِ فَجَازَ أَنْ يُضَارِبَهُ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ فَإِنْ كَانَتْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهٍ يَضْمَنُهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَارِبَهُ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا.
(وَ) تَصِحُّ مُضَارَبَةٌ إذَا قَالَ: ضَارِبْ ب (غَصْبٍ) لِي (عِنْدَ زَيْدٍ أَوْ عِنْدَك) مَعَ عِلْمِهِمَا قَدْرَهُ ; لِأَنَّهُ مَالٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ غَاصِبِهِ، وَقَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَأَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ وَكَذَا بِعَارِيَّةٍ (وَيَزُولُ الضَّمَانُ) عَنْ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّهُ صَارَ مُمْسِكًا لَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ لَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ مَالِكُهُ ثُمَّ أَقَبَضَهُ لَهُ فَإِنْ تَلِفَا فَكَمَا تَقَدَّمَ (كَ) مَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ (بِثَمَنِ عَرَضٍ) بَاعَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ ثُمَّ ضَارَبَهُ عَلَى ثَمَنِهِ.
(وَمَنْ عَمِلَ مَعَ مَالِكِ) نَقْدٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ وَحَبٍّ فِي تَنْمِيَةِ ذَلِكَ بِأَنْ عَاقَدَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فِيهِ (وَالرِّبْحُ) فِي الْمُضَارَبَةِ أَوْ الثَّمَرِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَوْ الزَّرْعِ فِي الْمُزَارَعَة (بَيْنَهُمَا) أَنْصَافًا أَوْ أَثْلَاثًا وَنَحْوَهُ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَكَانَ مُضَارَبَةً) فِي مَسْأَلَةِ النَّقْدِ نَصًّا ; لِأَنَّ الْعَمَلَ أَحَدُ رُكْنَيْ الْمُضَارَبَةِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْآخَرِ (وَ) كَانَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّجَرِ (مُسَاقَاةً وَ) فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ وَالْحَبِّ (مُزَارَعَةً) قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ.
(وَإِنْ شَرَطَ) الْعَامِلُ (فِيهِنَّ) أَيْ: الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ (عَمَلَ مَالِكٍ أَوْ) عَمَلَ (غُلَامِهِ) أَيْ: رَقِيقِهِ (مَعَهُ) أَيْ: الْعَامِلِ بِأَنْ شَرَطَ أَنْ يُعِينَهُ فِي الْعَمَلِ (صَحَّ، ك) شَرْطِهِ عَلَيْهِ عَمَلَ (بَهِيمَتِهِ) بِأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ.
وَيَجُوزُ دَفْعُ مُضَارَبَةٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَمَا شُرِطَ مِنْ الرِّبْحِ فِي نَظِيرِ الْعَمَلِ فَعَلَى عَدَدِهِمْ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَإِنْ فُوضِلَ بَيْنَهُمْ فِيهِ جَازَ. وَإِنْ قَارَضَ اثْنَانِ وَاحِدًا بِأَلْفٍ لَهُمَا عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ مَثَلًا جَازَ، وَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَ رِبْحِ حِصَّتِهِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ وَبَاقِي رِبْحِ كُلِّ مَالٍ لِرَبِّهِ، وَإِنْ جَعَلَا الْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَشْتَرِطُ جُزْءًا مِنْ رِبْحِ مَالِ الْآخَرِ بِلَا عَمَلٍ مِنْهُ، وَإِنْ دَفَعَ وَاحِدٌ لِآخَرَ أَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي أَحَدِهِمَا بِالنِّصْفِ، وَفِي الْآخَرِ بِالثُّلُثِ وَنَحْوَهُ صَحَّ، حَيْثُ عَيَّنَ كُلًّا مِنْهُمَا، بِخِلَافِ اعْمَلْ فِي هَذَا بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فِي الْآخَرِ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ يُشْبِهُ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute