للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مَوْصُوفٍ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَمْ تَصِحَّ ; لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ كَالْبَيْعِ (لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّجَرِ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ ثَمَرُهُ) النَّامِي بِعَمَلِهِ وَسَوَاءٌ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ وَالرُّمَّانُ وَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالزَّيْتُونُ وَغَيْرُهَا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَالْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حَاجَتَيْ رَبِّ الشَّجَرِ وَالْعَامِلِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ مُعَامَلَاتٍ فَاسِدَةٍ فَسَّرَهَا رَافِعٌ وَهُوَ مُضْطَرِبٌ أَيْضًا.

قَالَ أَحْمَدُ: رَافِعٌ يُرْوَى عَنْهُ فِي هَذَا ضُرُوبٌ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يُوهِنُ حَدِيثَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى قُطْنٍ وَمَقَاثِي وَمَا لَا سَاقَ لَهُ وَلَا عَلَى مَا لَا ثَمَرَ لَهُ مَأْكُولٌ كَسَرْوٍ وَصَفْصَافٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ زَهْرٌ مَقْصُودٌ كَنَرْجِسِ وَيَاسَمِينٍ وَلَا إنْ جَعَلَ لِلْعَامِلِ كُلَّ الثَّمَرَةِ وَلَا جُزْءًا مُبْهَمًا كَسَهْمٍ وَنَصِيبٍ وَلَا آصُعًا وَلَوْ مَعْلُومَةً أَوْ دَرَاهِمَ وَلَا ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ فَأَكْثَرَ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبُسْتَانِ أَجْنَاسٌ وَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا كَنِصْفِ الْبَلَحِ وَثُلُثِ الْعِنَبِ وَرُبُعِ الرُّمَّانِ وَهَكَذَا جَازَ أَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِالنِّصْفِ وَالْآخَرُ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ أَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ سِنِينَ، السَّنَةُ الْأُولَى بِالنِّصْفِ وَالثَّانِيَةُ بِالثُّلُثِ وَالثَّالِثَةُ بِالرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. جَازَ وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْبَعْلِ مِنْ الشَّجَرِ كَاَلَّذِي يَحْتَاجُ لِلسَّقْيِ.

(وَالْمُنَاصَبَةُ.) هِيَ (الْمُغَارَسَةُ دَفْعُهُ) أَيْ: الشَّجَرِ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ (بِلَا غَرْسٍ مَعَ أَرْضٍ لِمَنْ يَغْرِسُهُ) فِيهَا (وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الشَّجَرِ عَيْنِهِ (أَوْ مِنْ ثَمَرِهِ أَوْ مِنْهُمَا) أَيْ: الشَّجَرِ وَثَمَرِهِ نَصًّا وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ خَيْبَرَ ; وَلِأَنَّ الْعَمَلَ وَعِوَضَهُ مَعْلُومَانِ فَصَحَّتْ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى شَجَرٍ مَغْرُوسٍ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ كَانَ نَاظِرَ وَقْفٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَاظِرٍ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغِرَاسُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَسَدَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَكْلِيفِ رَبِّ الْغِرَاسِ أَخْذَهُ، وَيَضْمَنُ لَهُ نَقْصَهُ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ.

وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ جَازَ وَإِنْ دَفَعَ أَرْضًا وَشَجَرًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ جُزْءًا مِنْ الشَّجَرِ.

(وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>