غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مُطْلَقٌ وَحَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.
وَبَاءُ بِضَاعَةٍ: تُضَمُّ وَتُكْسَرُ (كَمَائِعٍ) مِنْ نَحْوِ زَيْتٍ وَخَلٍّ وَلَبَنٍ (وَ) مَاءٌ (طَاهِرٌ) غَيْرُ مُطَهِّرٌ، كَمُسْتَعْمَلٍ، فَيُنَجَّسَانِ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ (وَلَوْ كَثُرَا) لِحَدِيثِ «الْفَارَةُ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ، فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَلِأَنَّهُمَا لَا يَدْفَعَانِ النَّجَاسَةَ عَنْ غَيْرِهِمَا، فَكَذَا عَنْ نَفْسِهِمَا.
وَمَا ذُكِرَ مِنْ نَجَاسَةِ الطَّاهِرِ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَلَوْ كَثُرَ جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَصَحَّحَ فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يُنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، كَالطَّهُورِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ (وَ) الطَّهُورُ (الْوَارِدُ بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ) مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ بُقْعَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا: نَجِسَةٍ (طَهُورٌ) وَلَوْ تَغَيَّرَ لِبَقَاءِ عَمَلِهِ (كَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ) أَيْ الْوَارِدُ بِمَحَلِّ التَّطْهِيرِ (إنْ كَثُرَ) بِأَنْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ التَّطْهِيرِ إنْ وَرَدَ عَلَى الْقَلِيلِ نَجَّسَهُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَأَنَّ الرَّاكِدَ وَالْجَارِيَ سَوَاءٌ فِيمَا تَقَدَّمَ (وَعَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (كُلُّ جَرْيَةٍ مِنْ) مَاءٍ (جَارٍ) تُعْتَبَرُ مُفْرَدَةً (ك) مَاءٍ (مُنْفَرِدٍ) إنْ كَانَتْ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، فَنَجِسَةٌ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ.
قَالَ فِي الْكَافِي: وَجَعَلَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ كُلَّ جَرْيَةٍ كَالْمَاءِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَ الْأَصْحَابُ: فَيُفْضِي إلَى تَنْجِيسِ نَهْرٍ كَبِيرٍ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ، لِقِلَّةِ مَا تُحَاذِي الْقَلِيلَةَ ; إذْ لَوْ فَرَضْنَا كَلْبًا فِي جَانِبِ نَهْرٍ وَشَعْرَةً مِنْهُ فِي جَانِبِهِ الْآخَرِ لَكَانَ مَا يُحَاذِيهَا لَا يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ، لِقِلَّتِهِ وَالْمُحَاذِي لِلْكَلْبِ يَبْلُغُ قِلَالًا كَثِيرَةً.
(فَ) عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة (مَتَى امْتَدَّتْ نَجَاسَةٌ ب) مَاءٍ (جَارٍ) وَكَانَتْ كُلُّ جَرْيَةٍ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ (فَكُلُّ جَرْيَةٌ نَجَاسَةٌ مُفْرَدَةٌ) وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِقُوَّتِهَا وَتَشْهِيرِهَا، وَذَكَرَ مَا بَنَى عَلَيْهَا لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْجَارِيَ كَالرَّاكِدِ، وَيُعْتَبَرُ مَجْمُوعُهُ، فَإِنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجَّسْ إلَّا بِالتَّغْيِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَرْيَةُ دُونَهُمَا (وَالْجَرْيَةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ) مِنْ الْمَاءِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَعُلُوًّا وَسُفْلًا إلَى قَرَارِ النَّهْرِ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَمَا انْتَشَرَتْ إلَيْهِ عَادَةٌ أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا (سِوَى مَا وَرَاءَهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمَاءِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا.
(وَ) سِوَى مَا (أَمَامَهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) الطَّهُورُ (الْكَثِيرِ لَمْ يَنْجُسْ) بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ (إلَّا بِبَوْلِ آدَمِيٍّ) وَلَوْ صَغِيرًا (أَوْ عَذِرَةٍ) مِنْهُ (رَطْبَةٍ) مَائِعَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute