كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ (وَلَمْ تُشْتَرَطْ مُبَاشَرَتُهُ) لَهُ فِي الْعَقْدِ (فَمَرِضَ أُقِيمَ عِوَضُهُ) مَنْ يَعْمَلُهُ لِيَخْرُجَ مِمَّا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَرِيضِ ; لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا لَزِمَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إنْظَارُهُ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي التَّعْجِيلَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَمَلِ (الْقَصْدُ، كَنَسْخٍ) لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْخُطُوطِ (وَنَحْوه) كَتِجَارَةٍ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْحِذْقِ فَلَا (أَوْ وَقَعَتْ) الْإِجَارَةُ (عَلَى عَيْنِهِ) كَالْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَلَا (أَوْ شُرِطَتْ مُبَاشَرَتُهُ) الْعَمَلَ (فَلَا) يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ قَبُولُ عَمَلِ غَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَحْصُلُ بِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي نَوْعٍ فَسَلَّمَ إلَيْهِ غَيْرَهُ. (وَلِمُسْتَأْجِرٍ الْفَسْخُ) ; لِتَعَذُّرِ تَعْجِيلِ حَقِّهِ الْوَاجِبِ تَعْجِيلُهُ.
(وَإِنْ ظَهَرَ) بِمُؤَجَّرَةٍ عَيْبٌ بِأَنْ كَانَ بِهَا حِينَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ مُسْتَأْجِرٌ كَمَا لَوْ وَجَدَ الدَّابَّةَ جَمُوحًا أَوْ عَضُوضًا أَوْ عَرْجَاءَ بِحَيْثُ تَتَأَخَّرُ بِهِ عَنْ الْقَافِلَةِ وَنَحْوَهُ كَعَمًى (أَوْ حَدَثَ) بِمُؤَجَّرٍ، عَيْبٌ كَجُنُونِ أَجِيرٍ أَوْ مَرَضِهِ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْعَيْبُ (مَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ) بِأَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعَهُ دُونَهَا مَعَ عَدَمِهِ (فَلِمُسْتَأْجِرٍ الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. أَشْبَهَ الْعَيْبَ فِي بُيُوعِ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهَا إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا. فَإِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ فَقَدْ وُجِدَ قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَأَثْبَتَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا (إنْ لَمْ يَزُلْ) الْعَيْبُ (بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرَ.
فَإِنْ اسْتَدَّتْ الْبَالُوعَةُ وَفَتَحَهَا مُؤَجِّرٌ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ لَا تَتْلَفُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ تَضُرُّ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَلَا خِيَارَ لَهُ (وَ) لِمُسْتَأْجِرٍ أَيْضًا (الْإِمْضَاءُ مَجَّانًا) بِلَا أَرْشٍ لِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ لِرِضَاهُ بِالنَّقْصِ. وَفِيهِ وَجْهٌ لَهُ الْأَرْشُ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ؟ رُجِعَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ) عَيْنٍ (مُؤَجَّرَةٍ) نَصًّا سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ ثُمَّ بِيعَتْ قَبْلَهَا أَوْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ فَلَا تَمْنَعُ الْبَيْعَ كَبَيْعِ الْمُزَوَّجَةِ.
وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ (وَلِمُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ) أَنَّ الْمَبِيعَ مُؤَجَّرٌ (فَسْخٌ أَوْ إمْضَاءٌ) لِلْبَيْعِ (مَجَّانًا) أَيْ: بِلَا أَرْشٍ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: الْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ. قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ عَيْبٌ (وَالْأُجْرَةُ) مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ (وَلَهُ) نَصًّا وَاسْتُشْكِلَ بِكَوْنِ الْمَنَافِعِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِلْبَائِعِ فَلَا تَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَكَيْفَ يَكُونُ عِوَضُهَا وَهُوَ الْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ عِوَضَهَا وَهُوَ الْأُجْرَةُ لَمْ يَسْتَقِرَّ بَعْدُ وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَرَجَعَتْ الْمَنَافِعُ إلَى الْبَائِعِ.
فَإِذَا بَاعَ الْعَيْنَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْمَنَافِعُ وَلَا عِوَضُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute