; لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَشْمَلْهَا الْعَقْدُ.
(وَإِنْ عَمِلَ) أَجِيرٌ خَاصٌّ (لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ فَأَضَرَّهُ فَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْأَجِيرِ (قِيمَةُ مَا فَوَّتَهُ) عَلَيْهِ مِنْ مَنْفَعَتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَجْرِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ وَفَّاهُ عَمَلَهُ عَلَى التَّمَامِ، كَمَا لَوْ عَمِلَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ (وَيَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ) وَهُوَ مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِالْعَمَلِ، سَوَاءٌ تَعَرَّضَ فِيهِ لِلْمُدَّةِ كَكَحَّالٍ يُكَحِّلُهُ شَهْرًا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا كَذَا مَرَّةً أَوْ لَا كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ. وَتَقَدَّمَ وَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ (مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرَكِ (مِنْ تَخْرِيقِ) قَصَّارٍ الثَّوْبَ بِدَقِّهِ أَوْ مَدِّهِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ بَسْطِهِ (وَغَلَطِ) خَيَّاطٍ (فِي تَفْصِيلٍ) وَكَذَا طَبَّاخٌ وَحَائِكٌ وَخَبَّازٌ وَمَلَّاحٌ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ يَدِهِ أَوْ حَذَفَهُ أَوْ مَا يُعَالِجُ بِهِ السَّفِينَةَ، سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ أَوْ لَا وَيَضْمَنُ جَمَّالٌ مَا تَلِفَ بِقَوْدِهِ وَسَوْقِهِ وَانْقِطَاعِ حَبْلٍ شَدَّ بِهِ حِمْلَهُ.
(وَ) يَضْمَنُ حَامِلٌ مَا تَلِفَ (بِزَلْقِهِ) أَوْ عَثْرَتِهِ وَسُقُوطِهِ عَنْهُ كَيْفَ كَانَ (وَسُقُوطٍ عَنْ دَابَّةٍ، وَ) يَضْمَنُ أَيْضًا مَا نَقَصَ (بِخَطَئِهِ) فِي فِعْلِهِ، كَصَبَّاغٍ أُمِرَ بِصَبْغِ ثَوْبٍ أَصْفَرَ فَصَبَغَهُ أَسْوَدَ، وَخَيَّاطٍ أُمِرَ بِتَفْصِيلِهِ قَبَاءً فَفَصَّلَهُ قَمِيصًا، أَوْ ثَوْبَ رَجُلٍ فَقَطَعَهُ قَمِيصَ امْرَأَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّهُ كَانَ يُضَمِّنُ الصَّبَّاغَ وَالصَّيَّاغَ، وَيَقُولُ: لَا يُصْلِحُ النَّاسَ إلَّا ذَلِكَ " وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّهُ كَانَ يُضَمِّنُ الْأُجَرَاءَ وَيَقُولُ: لَا يُصْلِحُ النَّاسَ إلَّا هَذَا " ; وَلِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، كَالْعُدْوَانِ بِقَطْعِ عُضْوٍ.
وَدَلِيلُ ضَمَانِ عَمَلِهِ عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالْفِعْلِ وَأَنَّ الثَّوْبَ لَوْ تَلِفَ فِي حِرْزِهِ بَعْدَ عَمَلِهِ لَا أَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْخَاصِّ، وَسَوَاءٌ حَضَرَهُ رَبُّ الْمَالِ أَوْ لَا ; لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِجِنَايَةِ يَدِهِ كَالْعُدْوَانِ. فَإِنْ تَبَرَّعَ قَصَّارٌ وَنَحْوَهُ بِعَمَلِهِ لَمْ يُضَمَّنْ جِنَايَةَ يَدِهِ نَصًّا لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَحْضٌ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ أَجِيرٌ أَوْ مُتَبَرِّعٌ فَقَوْلُ قَصَّارٍ وَنَحْوِهِ. لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ (وَلَوْ بِدَفْعِهِ) أَيْ: الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ (إلَى غَيْرِ رَبِّهِ) أَيْ: غَلَطًا فَيَضْمَنُهُ ; لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لُبْسُهُ إذَا عَلِمَ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ لِلْقَصَّارِ نَصًّا، (وَغَرِمَ قَابِضٌ) لَهُ (قَطَعَهُ أَوْ لَبِسَهُ جَهْلًا) أَنَّهُ ثَوْبُ غَيْرِهِ (أَرْشُ قَطْعِهِ وَأُجْرَةُ لُبْسِهِ) ; لِتَعَدِّيهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (وَرَجَعَ) قَابِضٌ (بِهِمَا) أَيْ: بِأَرْشِ قَطْعِهِ وَأُجْرَةِ لُبْسِهِ (عَلَى دَافِعٍ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَيُطَالِبُهُ بِثَوْبِهِ إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْأَجِيرُ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ كَمَا لَوْ عَلِمَ.
وَ (لَا) يُضَمَّنُ أَجِيرٌ (مَا تَلِفَ بِحِرْزِهِ أَوْ) بِسَبَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute